لا تهرب من مخاوفك!
لا تهرب من مخاوفك!
يسعى مصابو كرب ما بعد الصدمة إلى تجنُّب الأشياء والمواقف والأماكن التي تذكِّرهم بأحداث الصدمة، وهذا وإن كان له أثر إيجابي على المدى القريب، فإنه على المدى البعيد يؤدي إلى نتائج مضادة لأنه يقيِّد مساحة الأنشطة اليومية للمريض ويجعله يدور في حلقة ضيِّقة من تعاملاته الاجتماعية ويصيبه بالوهن النفسي والخوف الدائم من المستقبل.
تعين آليات التعقُّل على إنماء الوعي باللحظة الراهنة دون إصدار أحكام عليها، وإدارة الانفعالات التي غالبًا تعاود المريض كلما كبحها، فالأفضل أن يتعامل معها كما لو كانت موجة عابرة، يعلوها ويلاحظ مدَّها وجزرها، وكذلك سل نفسك عندما تقوم مثلًا بغسل الأطباق: هل توجِّه تركيزك نحو ملمس الصابون ورائحته وتحس حرارة الماء أو برودته ولمعان الأطباق ونظافتها، أم تربكك صور ذهنية وانفعالات تشغلك عما تفعل؟ لو كانت إجابتك بنعم فمرِّن نفسك لتصل إلى إجابة النفي!
يعتقد مرضى الصدمة بأن الآخرين لا يحترمونهم ويصدرون أحكامًا ضدهم أو لا يتفهَّمون مشاعرهم، ولذلك يصعب عليهم إقامة شبكة من العلاقات الاجتماعية، ولتسهيل هذه المهمة الشاقة والضرورية في الوقت نفسه في تقدم العلاج؛ ويُنصح بممارسة التواصل التأكيدي للعلاقات الاجتماعية، بتحديد الهدف من العلاقة وطبيعتها؛ هل هي صداقة جديدة؟ أم علاقة عمل؟ أم علاقة عاطفية تنتهي بالزواج؟ ثم تحديد القيم التي على أساسها يتم تبادل الاحترام بين الطرفين، مع التقييم المستمر للعلاقة وتسجيل مدى الرضا عنها، فعليك مثلًا الذهاب إلى الطبيب لكتابة تقرير يبرِّر غيابك عن العمل بسبب الصدمة، فالهدف من العلاقة: كتابة التقرير مع الإبقاء على العلاقة والحفاظ على احترام الذات، وتكمن المشكلة في استخدام التعابير المناسبة دون الخوض في تفاصيل مؤلمة أو مسبِّبة للحرج.
تساعد الكتابة كذلك على تخفيف الأعراض وهو من أساليب “التسكين التدريجي المنتظم”؛ فتدوين الصور الذهنية والذكريات المتعلقة بالصدمة وفي مقابلها مهارت التصدي والمواجهة من تنفُّس وتعقُّل ومساندة اجتماعية من الأهل والأصحاب يساعد على تخفيف الأعراض خلال بضعة أسابيع أو أشهر.
الفكرة من كتاب دليل علمي تكاملي لعلاج الصدمة النفسية واضطرابات كرب ما بعد الصدمة
إنَّ الأفراد الذين يعانون اضطرابات كرب ما بعد الصدمة- الناشئة عن الحروب والكوراث والاعتداءات البدنية والجنسية والتربية المشوَّهة خلال مرحلة الطفولة، وما يصاحب الاستجابة لتلك الخبرات الصدمية من أعراض القلق والرعب والاكتئاب والعزلة_ لا يصلح معهم العلاج بالأدوية التقليدية والتحليل النفسي، لذا تقدِّم شيلا راجا خطة علمية متكاملة متعدِّدة الأساليب والوسائل تصلح مع جميع الأفراد؛ وتحمل لهم بذلك بدائل كثيرة لتؤدِّي بهم إلى نتائج مُرْضية، ومما يميزها أيضًا أنها تعتمد في الأساس على الاستخدام الذاتي في الغالب أو بالتعاون مع المعالج النفسي أحيانًا، وتنفع في الجلسات الفردية والجماعية على السواء، وهي كذلك دليل إرشادي للمتخصِّصين في التعامل مع مرضاهم.
مؤلف كتاب دليل علمي تكاملي لعلاج الصدمة النفسية واضطرابات كرب ما بعد الصدمة
شيلا راجا (Sheela Raga): أخصائية نفسية وأستاذة مشاركة في جامعة إلينوي بشيكاغو، حيث درست الاتصالات الصحية والطب النفسي وحصلت على شهادة الدكتوراه، ثم أكملت تدريبها في المركز الوطني ببوسطن لاضطراب ما بعد الصدمة، وقد حازت راجا في ٢٠٢٠ جائزة جمعية الطب السلوكي لدورها في نقل الطب السلوكي إلى عامة الجماهير.
من مؤلفاتها:
– Overcoming trauma and PTSD.
– The sexual trauma workbook for teen girls.
معلومات عن المترجم
الدكتور محمد نجيب الصبوة: أستاذ علم النفس الإكلينيكي بكلية الآداب جامعة القاهرة، له مؤلفات منها: “علم النفس العام”، “الشباب والمخدرات في مصر”.