لا تستهِن بعقول الصغار
لا تستهِن بعقول الصغار
كلٌّ منا بداخله موهبة أو حلم يرى النور باكتشاف من حوله له، وكان أبو الريحان البيروني من أذكى التلاميذ في بلده، ولمعرفته الكبيرة بالجغرافيا والفلك والرياضة طلبه حاكم خوارزم ليقيس له مملكته. وبالفعل تمكن البيروني من قياسها بالحسابات الهندسية وزوايا الظل، وما إن تأكَّد الحاكم من صحة قياسه حتى قرَّر التكفل بتعليمه وتثقيفه، وكبر البيروني وأصبح من أكبر علماء زمانه، وألَّف الكثير من الكتب في المقاييس والموازين، والتي ترجمت إلى كل لغات العالم.
أما عن ذكاء ابن خلدون الشديد ومعرفته الواسعة بتاريخ الأمم والشعوب فقد مكَّناه من الحفاظ على وظيفة أبيه ومنصبه، فحاول مساعدة أبيه في القبض على اللصوص الذين سرقوا تجار سوق تونس بأكمله في ليلة واحدة، أعجب السلطان بما فعله الصبي وتنبَّأ له بأنه سيصبح وزيرًا ماهرًا، وبالفعل صار ابن خلدون واحدًا من أعظم العقليات التي أنجبتها البشرية، وعمل وزيرًا لعدة دول تونس والمغرب والأندلس، وألَّف “مقدمة ابن خلدون” التي تعد أشهر ما كتب على الإطلاق.
ثم يأتي الطفل الرومي ياقوت الحموي الذي كان هدفه منذ صغره السفر إلى كثير من البلدان الإسلامية ليؤلف معجمًا شاملًا يتناول كل ما يتعلق بتلك البلاد من حيث موقعها وتاريخها وعاداتها وثقافاتها، فحاول الهروب من سيده التاجر الكبير عسكر بن نصر الحموي بمجرد دخولهم إلى بغداد، وما إن حاول سيده العثور عليه وعلم بالكتاب الذي يؤلفه أعتقه وجعله حرًّا، وطلب منه أن يشاركه رحلاته حتى ينتهي من كتابه، وبالفعل إصراره على النجاح جعله واحدًا من أكبر الرحالة المسلمين، وكتب العديد من المعاجم والكتب التي أسَّس بها علم الجغرافيا حينها.
الفكرة من كتاب عظماء في طفولتهم
إن الأحلام الصغيرة والأفكار المُلهمة تبدأ منذ الطفولة، فإذا تحوَّلت إلى حقيقة قادت صاحبها نحو مستقبل يغيِّر حياته وحياة العالم بأكمله، وهذا الكتاب أشبه بالسفينة التي تنتقل من بلد إلى آخر، ومع كل بلد نتوقف لنكتشف كيف كانت طفولة العظيم الذي وُلِد ونشأ بها، وكيف قادته فكرته ليصير واحدًا من الشخصيات التي لم ينسَها التاريخ على مر العصور.
مؤلف كتاب عظماء في طفولتهم
محمد المنسي قنديل: كاتب وروائي مصري، ولد في المحلة الكبرى بمصر عام 1949، وتخرج في كلية الطب، وعمل بالطب لمدة عام ونصف تقريبًا ثم في التأمين الصحي، وبعد فترة قصيرة ترك المجال بأكمله وتفرَّغ للكتابة، وكتب في العديد من المجالات ولمختلف الأعمار، تنوَّعت كتاباته ما بين الكتب والروايات والقصص، وحصل على عدة جوائز، ومنها جائزة الثقافة الجماهيرية وهو طالب، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1988، وجائزة ساويرس للآداب عام 2006، وتحولت بعض رواياته إلى مسلسلات مثل رواية “يوم غائم في البر الغربي”، ورواية “أنا عشقت”.
من أبرز أعماله:
انكسار الروح.
قمر على سمرقند.
كتيبة سوداء.