لا تستهزئ بمشاعرك حيال الآخر
لا تستهزئ بمشاعرك حيال الآخر
نختلط بالناس كل يوم ونقوم بقراءتهم بشكل دوري حتى وإن لم نشعر بذلك، وهذا يظهر في تقييماتنا المختلفة للأشخاص وما نقوله من أول لقاء عن فلان بأنه طيب، وذاك شرير، وهذا ماكر، وهذا يصيبني بالاشمئزاز والخوف.
كل هذه الانطباعات الأولية التي نصدرها من اللقاء الأول قد لا نعرف أسبابها الحقيقية أو دوافعها ولكنها مهمة ولا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال لأن هذه الانطباعات غالبًا ما تكون ردَّات فعل للغة جسد الطرف المقابل الخفية؛ لهذا قد يكون في تعلُّمك قراءة وجوه الناس وأصواتهم سبب لإنقاذ حياتك أو حياة من حولك لأن المجرمين والخونة والمغتصبين لا يلبسون أقنعة أو يختبئون في قوالب بلورية تعزل وجوههم وأجسادهم عنا قبل ارتكابهم الجريمة؛ ولكن حركاتهم وأصواتهم تدل عليهم وتفضحهم، وهذا ما يردِّده ضحايا الاغتصاب والاعتداءات، إذ يتحدثون دائمًا عن شعور أوَّلي بعدم الراحة تجاه المجرم، وهذا ما نؤكده في عدم التهاون أو الاستهزاء بالمشاعر والهواجس في هذه الحالات لأنها قد تكون سببًا في النجاة من حلول جريمة نكراء.
ومن هذا المنطلق عليك أن تستمع للصوت الذي بداخلك، فإذا كان هذا الصوت يصرخ للتراجع، أو يهمس بالتحذير بأن ثمة شيئًا خاطئًا، أو يحثُّك على التأني والحذر فعليك ألا تندفع في حضوره، وأن تتوقف كثيرًا وتبحث عن أسباب هذه الأحاسيس، ففي هذا العالم قد يكون هناك أزواج مخادعون وعملاء معتدون وبائع متجر منحرف ومئات من البارعين في الكذب والتخفِّي، وأننا حتى وإن لم ندرك سبب هذه المخاوف فإن هناك مجموعة من الإيضاحات الموضوعية التي تقف وراء أحاسيسنا يؤكدها العلم في نبرة الصوت وطريقة الكلام وتعبيرات الوجه والجسد.
الفكرة من كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
قد لا ينتبه أغلبنا في محادثاتنا اليومية للرسائل المختبئة خلف نبرات الصوت أو في حركة الجسد أو نظرة العين، في الوقت الذي تعتبر فيه خصائص الصوت دلالة من دلالات السلامة العقلية والنفسية، ومقياسًا من مقاييس فهم الحالة المزاجية للشخص المقابل، حتى أن علماء الأنثروبولوجي قدَّموا أبحاثًا في هذا الصدد لفهم ما يظهر على وجه الإنسان من تعبيرات بغية تحسين التواصل أو قراءة الحالة أو حتى التبيُّن من صدق الشخص أو كذبه، إذ تعدُّ لغة الجسد لغة حقيقية قائمة بذاتها، وكل ما نشعر به حيال الناس في اللقاءات الأولى من مشاعر ارتياح أو حب أو نفور له جانب قوي متعلِّق بلغة الجسد؛ فالقوة التي تعطينا إياها قراءات الأجساد والوجوه من شأنها أن تسهِّل علينا عملية التواصل الصحي مع الآخرين، وأخذ الحيطة والحذر في حالة أخبرنا الحسد بذلك.
مؤلف كتاب أعرف ما تفكِّر فيه
ليليان جلاس: من مواليد ميامي في الولايات المتحدة، وهي صحفية وطبيبة أمريكية، درست في جامعة منيسوتا، وخبيرة في الاتصال بين الأشخاص ولغة الجسم، ومعلِّقة إعلامية، ومستشارة في الدعاوى القضائية، وهي أيضًا مخرجة ومنتجة أفلام، وهي ابنة الناجي من المحرقة روزالي جلاس.
ولديها عدد من المؤلفات منها: “لغة جسد الكاذبين”، و”هو يقول هي تقول”.