لا تخف.. ما الموت إلا ولادة أخرى
لا تخف.. ما الموت إلا ولادة أخرى
يعدُّ التعامل مع الطفل في مراحل تكوينه الأولى عملية معقدة وحرجة نوعًا ما لأن تلك المرحلة هي الأساس لما بعدها، وأي قصور أو خلل أثناء عملية التكوين الأولى وإن لم تُرَ آثاره بشكل مباشر وفوري فإنها تترسخ في شخصيته فتظهر فيما بعد، ما يصعِّب من معالجتها.
وجود مواقف وأحداث طارئة يجعل الأمر أكثر تعقيدًا وحساسية ويحمِّل المربين عبئًا زائدًا لمحاولة الخروج من مثل هذه المواقف بأقل الخسائر، بل بلا خسائر أصلًا في محاولة استغلال مثل هذه المواقف في زرع قيم ومفاهيم مفيدة للطفل، ومنها مسألة الموت مثلًا، لأحد الوالدين أو الأقارب أو خبر الموت نفسه بمشاهدته في التلفاز أو سماعه عرَضًا، وهنا تبدأ الأسئلة تتوارد على ذهن الطفل كما ترد علينا نحن الكبار، والفارق أن مثل هذه التجارب تعدُّ الأولى بالنسبة لهم وليس لديهم الوعي الكافي أو الخبرة المسبقة بها، ما يستدعي التعامل الواعي من قبل المربين معها، وبخاصةٍ أن الموت في مرحلة الطفولة المبكرة يعد شيئًا مجردًا بالنسبة للطفل، فهو لا يدرك إلا المحسوسات، أما في مرحلة الطفولة المتوسطة فهو يعتبر الموت نهاية لا عودة منها بخلاف ما قبل عمر السابعة أي ما قبل الطفولة المتوسطة، فإنه يعدُّ الموت حدثًا مؤقتًا عابرًا وسيعود الميت إلى الحياة يومًا ما، أما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيتفهم الموت بشكل أوسع ويستطيع إدراك معنى كونه نهاية الحياة الدنيا وبداية حياة أخرى وهكذا.
وسواء كان الحادث الذي تعرَّض له أن يموت حيوان أليف لديه، أو حتى موت أحد الأقارب أو موت أحد الوالدين فإن التعامل مع حادث الموت واحد، وذلك بمحاولة تبسيط الفكرة والبعد عن تزييفها تمامًا كأن نخبره أن الميت مسافر في مكان ما أو أنه نائم مثلًا، ونحو ذلك لئلا يتولَّد لديه خوف من فكرة السفر أو النوم وحتى لا يفقد ثقته في المربين عندما يكبر فيكتشف زيف تلك الأفكار وخطأها، ويمكننا أن نشبه صورة الموت له بصورة الولادة بطريقة يفهمها، كما يقترح الكاتب أن نخبره أن الموت ولادة أخرى تشبه الولادة الأولى في عالم جديد كما كنت في بطن أمك في مكان لا نراه ثم ولدت لعالم جديد وهكذا.
وإذا كان المُتوفَّى أحد الوالدين فإن الأمر يكون شاقًّا على الطفل إن كان في عمر يعي فيه ما يحدث أو كان أصغر فيظهر أثر ذلك جسديًّا ونفسيًّا عليه وتضطرب عنده عمليات حيوية كالنوم والأكل، وربما آثار أخرى كالغضب والعنف والتدهور الدراسي، ما يستدعي أن يحاط في تلك الفترة بالسند والدعم وأن تقدر الحالة التي يمر بها ممن حوله، وأن يحاط بالحزم والحب معًا، وبالطبع العامل الديني والتنشئة الربانية والارتباط بالله سبحانه من أقوى ما يعين على ذلك.
الفكرة من كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل
أطفالنا أمانة في أعناقنا، وغراسنا الذي نأمل حُسنَه وطيبَه في المستقبل، وكعادة أي غرس فإنه يحتاج إلى عناية ورعاية وتعهُّد دائم وصبر طويل ومحبة لا تنتهي، بهذا يؤتي الغرس ثمره، وبهذا يُصنع أطفالنا على أعيننا مصطحبين معنا معية الله.
مؤلف كتاب مهارات التربية الفعَّالة: تطبيقات تربوية للطفل\
عيسى بو موزة: مدرب معتمد، وكاتب ومؤلف في الشأن التربوي، وهو مستشار تربوي لمرحلة الطفولة، صدر له عدد من المؤلفات، وهي:
١٢٢ سؤالًا في التربية.
مشكلات الأطفال التربوية.
العناد لدى الأطفال: أسباب وحلول.