لا بد من التفصيل
لا بد من التفصيل
يدّعي كثير من غلاة الحضارة أن الإسلاميين ضد الحضارة والتقدّم، وهذه الادعاءات قد تكون نتيجة انهزامات نفسية أو تجارب شخصية، لذا نحتاج إلى فهم موقف الإسلاميين من الحضارة وأن نُميز بين بعض المفاهيم، وهي:
التمييز بين الحضارة كغاية والحضارة كوسيلة، فالحضارة في التصوّر الشرعي موّجهة لتحقيق العبودية وإظهار الدين، لذا فكل حضارة تكتسب قيمتها حسب ما تتوافق فيه مع القيم الشرعية.
كذلك لا بد من التمييز بين الوجه العلمي والفلسفي والسياسي لمعنى الحضارة، فالوجه العلمي تدخل فيه العلوم الطبيعية والتكنولوجيا والتصنيع وغيرها، وأغلبها أدوات توظفها الثقافات على حسب قيمها، وأغلب تلك الأدوات مستمد من القوانين الكونية التي خلقها الله عز وجل في هذا الكون.
أما الوجه الفلسفي فيُقصد به التصوّرات الوجودية والمعرفية والقيمية، كحقيقة الحياة ومرجعية الأخلاق ومفهوم السعادة، وهذا ما ضل فيه الغرب، فكثرت لديهم الأسئلة ولم يجدوا لها الإجابات أو أجابوا بإجابات ناقصة مُحرفة، وهذا الوجه الفلسفي قدّم الوحي جزءً كبيرًا من إجابته، أما الوجه السياسي للحضارة الغربية هو الوجه الاستعماري الإمبريالي الذي يمتص كل ثروات الآخرين.
وأخيرًا لا بد أن نُميّز بين الانتفاع والانبهار، فغلاة الحضارة يتشدّقون أمام أي انتقاد للحضارة الغربية، ولا يفرقون في الحكمة الشرعية في التعامل مع الآخر، فالنبي صلى الله عليه وسّلم استفاد من الحضارة المعاصرة له، كحفر الخندق أو التبادل التجاري وغيرها، ولكنه صلى الله عليه وسلّم بيّن ضلالهم لأنهم معرضون عن الوحي.
لذا فالإسلاميون لهم موقفهم التفصيلي أمام كل حضارة، يأخذون ما يتوافق مع النصوص الشرعية ويرفضون كل ما يضادها.
الفكرة من كتاب مآلات الخطاب المدني
“رأيت إسلامًا بلا مُسلمين” هذه المقولة المعروفة التي تتردد كثيرًا على ألسنة عامة المسلمين، ما مدى صحّتها؟ وما الدوافع التي تشكّلت لتقريرها بين المجتمعات المُسلمة؟
إن الكثير من الخطابات المنتشرة بين عامّة المسلمين تحتاج إلى الوقوف على حقيقتها ومآلاتها، فقد تبدو في ظاهرها لا شيء عليها، إلا أن أصولها ترتكز على الكثير مما يناقض الوحي، وسبب عدم الشعور بذلك هو ضعف الرجوع إلى الوحي في تحكيم كل خطاب، وعدم الرجوع إلى الوحي في التشكيل الفكري.
لذا يأتي الكتاب في محاولة لتحليل وكشف “الخطاب المدني” ويُقصد به الخطاب المنهزم أمام الثقافة الغربية، الذي يحاول تفريغ الإسلام من مضامينه ليوافق هوى الثقافة الغربية، فيأتي الكتاب ليُحكّم هذا الخطاب إلى الوحي، مُبيّنًا كيف يتعارض هذا الخطاب مع أصول الوحي ومضامينه.
مؤلف كتاب مآلات الخطاب المدني
إبراهيم عمر السكران: باحث ومُفكِّر إسلامي سعودي الجنسية، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سنة واحدة، ثم تركها واتجه إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء، ثم حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا.
من أبرز مؤلفاته:
سلطة الثقافة الغالبة، الماجريات، الطريق إلى القرآن.