لأجل أرنلدو.. ولأجل الابن الراحل
لأجل أرنلدو.. ولأجل الابن الراحل
في أغسطس 1930 بدأت حياة ابن أرنلدو “سندرينو” تنقلب بتدهور حالته الصحية، وقد ألف أرنلدو كتابًا لابنه أهداه إلى من سمَّاهم موسوليني بـ”المخلصين”، إذ يقول فيه: “خذني يا إلهي إن وجدت ذنوبًا ينبغي أن تُكفَّر ولكن أنقذ سندرينو، لقد عشت طويلًا وهو لم يتعدَّ العشرين”، لكن مات الابن بعد عناء المرض، وعانق الأخ أخاه بعد أن علم أن كلمات العزاء لن تجدي نفعًا، وقد تسبب ذلك في أن أصبح أرنلدو شخصًا غير قابل للمساس حتى من قبل خصومه السياسيين، وهكذا صعدت الفلسفة الفاشية أكثر فأكثر.
ولعل أقوى كلمات أرنلدو في إحدى خطاباته كانت تقول: “يجب أن تحتقروا الحياة البسيطة، ألا تسقطوا في السفالة، أن تعتقدوا في الخير اعتقادًا ثابتًا”، والحق أن هذه كانت آخر خطبه قبل أن يرحل بأربعٍ وعشرين ساعة، حتى أن موسوليني قال إن الإيطاليين تأثروا بعمق رغم انحطاط هذا العصر الأخلاقي وبؤسه المادي، وبعد مائة خطاب لما سماه بصحفي “ثورة القمصان السود” الكبير المُهذب، معترفًا بمعونة أخيه له في روما وإيطاليا وكل المستعمرات.
مات أرنلدو، والحق أنه كان ينتظر ذلك في 15 نوفمبر 1928 حين أعلن الأطباء تدهور أعضائه الحيوية حتى مات في 1931، بل كان ينتظره بعد رحيل ابنه منذ اللحظة التي قال له الطبيب عنه فيها: “إنه يموت ولا يتألم”، حين لم تنفع كلمات المواساة ولا الأيام ولا العمل، ولقد كان الموت أرفق به من الحياة بعد كل هذا الألم، رحل بعد أن كتب لـ”بنيتو” وصيته، وطلب فيها عدم الإسراف في تأبينه أو الإطالة في موته، واختتم موسوليني خواطره بعبارة: “لكن لا محل للشك في أن عمله هذا كان يفيد الفاشية أيضًا!”.
الفكرة من كتاب خواطر زعيم
في عام 1931 كانت الأمور مستقرَّة لمؤسس الحركة الفاشية الإيطالية وأحد زعمائها، ألدوتشي بنيتو موسوليني، والذي أصبح الحاكم الوحيد لإيطاليا رغم وجود الملك، كل الأحزاب الأخرى أُلغيت ولم يكن بإيطاليا سوى توجُّه واحد وطاعة واحدة تكون للحزب الفاشستي كالنازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام خصوصًا مع تاريخ هذا الديكتاتور الصحافي، وهنا يبدأ بكتابة خواطره.
كان على المؤلف إميل لودفيج أن يعرض بعض خواطر موسوليني، الحوار الصحفي الذي دار بينهما، ويجدر بنا ذكر أن كل هذا قد تم في عام 1931م حين كانت الفاشية في قمتها وتساندها النازية الألمانية، وهنا يأتي دور الإعلام الذي ميز كلا المذهبين في ذلك الوقت قبل أن ينقلب عليهما.
مؤلف كتاب خواطر زعيم
بنيتو موسوليني، هو حاكم إيطاليا ورئيس وزرائها في الفترة ما بين 1922 و1943، وهو أبرز مؤسسي الحركة الفاشية الإيطالية، عُرِف بتاريخه الصحافي المؤثر وكذلك همجيته منذ طفولته وحتى الكبر، إذ استطاع الوصول إلى الحكم بسبب عدم استطاعة الحكومة الإيطالية السيطرة على أعمال حركته الفاشية “القمصان السود” المسلحة، وكان ديكتاتورًا مستبدًّا سواء للشعب الإيطالي أو الشعوب المستعمرة، وبعد دخول الحرب العالمية الثانية وهزيمة إيطاليا المتحالفة مع ألمانيا النازية، تم إلقاء القبض عليه وإعدامه وتعليق جثته أمام الجماهير الإيطالية.