كُن قدوة
كُن قدوة
حين ضاع سيدنا يوسف من إخوته حزن سيدنا يعقوب (عليه السلام) حزنًا شديدًا حتى ذهب ببصره فيه لكنه كان مؤمنًا بقدرة الله فظلَّ يشكو حزنه إلى الله (عز وجل) ثمانية عشر عامًا حتى رد الله سيدنا يوسف له، فقد كانت مصيبته كبيرة لا يتحمَّلها إلا من استعان بالله، يقول الله (عز وجل) عنه: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، فقد كان قويًّا بالله لا يشكو للبشر ولا حتى لأبنائه وهم سبب ضياعه، في هذه القصة عبر كثيرة للآباء وكذلك الأبناء، وقد استعان سيدنا يوسف بالله وصبر على إخوته ودعا لهم حتى جمعهم الله كإخوة محبين وتابوا عن أفعالهم ولم ييأس منهم.
ففي حياة الأنبياء عبرة بأن كل دعاء لهم وقت كربهم كان فرجًا لهم وإن تأخر، ويجب أن تعلِّم ابنك أن الفراق حادث لا بدَّ منه وأن لله ما أخذ ولله ما أعطى تهوينًا عليه لزوال نعمة ما أو فراق أو موت أحدهم، فعن النبي (ﷺ) أنه قال: “أحبب من شئت فإنك مفارقه”، ويجب أن يدعو الله حين الفقد بدعاء النبي (ﷺ) “اللهم أجرني في مصيبتي، وأَخلِف لي خيرًا منها”.
كما أن رؤية من هم أكثر بلاءً منك يهوِّن عليك مصائبك فيقل حزنك وهمك وتشكر الله على نعمه، مقارنةً بمن هم أصحاب ابتلاءات كبرى، ولا تنسَ أن أكثر أبنائك حُزنًا هن الفتيات لأنهن زائدات في العاطفة عن الأولاد، وهذا ما ميَّزهن الله بها فهي فطرة وليست عيبًا لكي تكون أمًّا وأختًا وزوجة وابنة وتملأ البيت بالرحمة والحب والحنان، وقد تمر بأحزان مضطربة بسبب العادة الشهرية فتحتاج من والديها الرفق والاحتواء أكثر، ولأن النبي (ﷺ) يعلم كم تكون النساء زائدات في العاطفة ناقصات عقل وهذا ليس ذمًّا فيهن، ولكنها لتُكمل الرجل لأنه ناقص في العاطفة لكنه يزيد عليها في العقل، وقد جاءت السيدة أسماء بنت عميس (رضي الله عنها) إلى النبي (ﷺ) وقالت: قال لي رسول الله: ألا أعلمكِ كلمات تقوليهن عند الكرب؟ قولي: الله، الله ربي لا أشرك به شيئًا”.
لذا على الآباء أن يعلموا أبناءهم الأدعية حفظًا وفهمًا ليقولوها من قلوبهم متضرِّعين، محقِّقين عبادة الدعاء وراجين من الله القبول والإخلاص وتفريج ما أصابهم من غمٍّ أو هم.
الفكرة من كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
إن التربية علمٌ مُمتدٌّ أثره ومهم لكل أب، فتربية أبنائك مسؤولية واقعة على كاهليك أمام الله، وقال رسول الله (ﷺ): “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته”، وأسوةً برسول الله (ﷺ) وأثره في تربية أجيال كاملة من صغار وكبار نقتدي به للتعامل مع صغارنا.
مؤلف كتاب عَلِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله
عبد الله محمد عبد المعطي: خبير تربوي، وله عدة مؤلفات تربوية مهمة، منها: “بالحب نربي أبناءنا”، و”أطفالنا: خطة عملية للتربية الجمالية سلوكًا وأخلاقًا”، و”حياتنا الأسرية بدون عصبية”.