كيمياءُ الحياةِ والتراب
كيمياءُ الحياةِ والتراب
جميعُ الكائناتِ الحيّة، تشتركُ بعنصرٍ أساسيٍ في مُكوناتِها، وهو الكربون. ولو تأملنا طبيعةَ الكَربون لوجدنَاهُ عُنصرًا قلِقًا غيرَ مُستقِر، له القدرةُ على الارتباطِ بعددٍ لا نِهائيٍ من الذرات، وتشكيلِ مُرَكّبَاتٍ جَديدة معَهَا.
وعند النظرِ لمُرَكّبٍ أساسيٍ آخرَ للحياة وهو البروتين – أهمِ مادةٍ حَيّة – سنجدُهُ يحتوي تقريبًا على ٥٠٠ ذرةٍ في المُتوسط، ولديه قدرةٌ عجيبةٌ على تشكيلِ عددٍ هائلٍ من الذرات، التي تُشكِّلُ أنسِجَة.
إن مُركبّاتِ الحياةِ الأساسيةِ تمتلِكُ صِفاتِ الحياةِ نفسِها، من تفاعُلٍ وتبدُّلٍ وتكاثُرٍ وتَعقيد، وهي تُشبِهُ الحياةَ نفسَها بشكلٍ كبير.
قد تنظرُ إلى التُرابِ وتقولُ في نَفسِك: هذا مجردُ جَمَاد لا حياةَ فيه، ولكن ما يدعو للدهشة، هو أنه مُخَلْخَلٌ من الداخِل، مُؤلفٌ من مَنظوماتٍ هائلةٍ من الذرات، كل منها يأخذُ شكلاً مُعينًا له صورةٌ ونِظامٌ وتفصيلٌ يُميّزُه، فمعظمُ الموادِ العُضويةِ والغيرِ عُضوية، لها بُلُّوراتٌ تُميزُهَا عن غيرِهَا، ومعنى هذا أنَّ المادةَ الميتةَ فيها حركة، وتتحركُ للوصولِ لنظامٍ مُعين.
إنَّ الفرقَ بين الموتِ والحياة، ما هو إلا اختلافٌ في درجةِ التعقيدِ والتركيبِ والتنظيم، فالموتُ متصِلٌ بالحياةِ ومُندمجٌ معها في وِحْدَة، لأنهُ مُنبثِقٌ من نفس طبيعتِها.
الفكرة من كتاب لغزُ الموت
يأخُذُنا “مصطفى محمود” بأُسلوبِهِ البسيطِ الجذّاب في رحلة للتفكُّرِ بأحدِ أكبرِ الأشياءِ جَدَليّة، ألا وهو الموت، ويعرِضُ لنا حقائقَ قد تكونُ صادمةً عند التأمُّلِ فيها؛ مثلَ أننا نموتُ في كلِّ لحظة.
ثم ينتقلُ بنا للحديثِ عن أجسادِنا وحُدودِهَا، وعن الزمنِ واختلافِ مَفهومهِ باختلافِ وعيِنَا فيه، ثم يتحدثُ عن الإرادةِ والحُريّةِ، مُتسائلًا تساؤلاتٍ عَميقة، مثل: هل الإنسان مُسير أم مُخير؟، كما يتحدثُ عن النوم وعن التُرابِ وتركيبِه والكون، وكيف يتكونُ من عاملٍ واحد، يُعبِّرُ في مَضمونِهِ عن تجلى الله.
مؤلف كتاب لغزُ الموت
مصطفى محمود، طبيبٌ مُتخصص، وكاتبٌ وباحثٌ مُتفرغ، ألّفَ 89 كتابًا تنوعت بين العلم والفلسفة والدين والسياسة والأعمال الأدبية.
أسسَ مسجد “مصطفى محمود” في القاهرة، و”جمعية مسجد محمود”، التي تضم مستشفى ومركز للعيون ومراكز طبية أخرى، بالإضافة إلى متحف للجيولوجيا وآخر للأحياء المائية ومركز فلكي.