كيف يمكن للمشاعر السلبية أن تكون مفيدة؟
كيف يمكن للمشاعر السلبية أن تكون مفيدة؟
يعتقد البعض أن الانتخاب الطبيعي شكّل مشاعر واضطرابات نفسية تعمل أحيانًا في خدمة التكاثر والحفاظ على حياة البشر، فمثلًا الغيرة عاطفة قوية قد تتسبب في إنشاء علاقات سامة والقيام بتصرفات عنيفة، ومع ذلك لا يمكن التخلص منها لسبب تطوري هدفه هو الانتقال الأقصى إلى الجينات، ولنفترض أن هناك رجلين، أحدهما لا يشعر بالغيرة تجاه حبيبته ولا يعترض من تودد الرجال إليها، بينما الآخر غيور تجاه أي تلميح لمغازلة من يحب، أيهما سيكون له أبناء أكثر؟
طبقًا للانتخاب الطبيعي فإن عدم غيرة الرجل الأول ستزيد من احتمالية أن تتركه المرأة وتتزوج غيره مما سيقلل من نجاحه التكاثري، أما الرجل الغيور فقد ساهم سلوكه في الحفاظ على المرأة، مما سيزيد من احتمالية انتقال جيناته إلى أجيال قادمة.
وكذلك لكل شعور وظيفة تكيفية، فالحزن قد يوفر وقتًا للتفكير وإيجاد حلول جديدة، والغضب يعمل على تفريغ التوتر، والفشل يزيد من الرغبة في النجاح، والكراهية تزيد من قيمة الحب، وقد يحفز القلق على الاجتهاد وزيادة الإنتاجية، ويشكل اكتئاب ما بعد الولادة تهديدًا غير مباشر بإهمال المولود مما يدفع الأهل والأصدقاء إلى المساعدة.
كذلك يعتقدون أن الانتخاب الطبيعي طور القدرة على كَبْت المشاعر كآلية دفاعية تخدم الجينات وتجعل البشر مقبولين اجتماعيًّا، وذلك عن طريق منع مشاعر غير مرغوب فيها كالأنانية والشهوة والحقد والحسد والكراهية من أن تصل إلى العقل الواعي ويُعبر عنها فينبذ أصحابها.
إن المشاعر السلبية في جوهرها أدوات مفيدة تجعل الأشخاص أكثر واقعية وتدفعهم نحو البقاء على قيد الحياة والتواصل مع الآخرين، وذلك في حالة إذا وُجهت في الاتجاه الصحيح وفي الموقف المناسب وبمعيارها الطبيعي، إذ إن الخوف يُعد جزءًا صحيًّا من الحياة ومصدر حماية من الأخطار، ولكنه قد يتفاقم ويتحول إلى فُوبْيَا Phobia تمنع صاحبها من ممارسة حياته بصورة طبيعية، فإذا زادت الحالات المزاجية على معيارها الطبيعي تتحول إلى اضطرابات نفسية تستوجب العلاج على الرغم من فوائدها المحتملة.
الفكرة من كتاب أسباب وجيهة للمشاعر السيئة: أحدث الأفكار في مجال الطب النفسي التطوري.
هل سبق أن انتابتك مشاعر سلبية كالغضب أو الحزن أو القلق ولم تجد حلًّا للتخلص منها؟ هل تساءلت يومًا لماذا تشعر بالغيرة والفقد والخوف؟ ولماذا لا يزال الجنس البشري يتعامل مع كثير من الاضطرابات النفسية والبدنية على الرغم من تطور العلم والتكنولوجيا؟
ولأننا جميعًا نبحث عن إجابات لمثل هذه التساؤلات، جاء إلينا هذا الكتاب ليوضح ماهية المشاعر السلبية وكيف يمكن أن تضم في طياتها منافع، ويوضح الأسباب التي جعلت الانتخاب الطبيعي يترك البشر عرضة للإصابة بالمرض، مما يساعد على معرفة السبب الجذري للاضطرابات النفسية والعقلية ويجعل العلاج أكثر فاعلية.
مؤلف كتاب أسباب وجيهة للمشاعر السيئة: أحدث الأفكار في مجال الطب النفسي التطوري.
راندولف إم نيس: طبيب وعالم ومؤلف أمريكي، وأحد أهم المشاركين في تأسيس مجال الطب التطوري، وزميل الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، كما عمل أستاذًا للطب النفسي في جامعة ميشيجان، ومدير مركز التطور والطب في جامعة أريزونا.
أهم مؤلفاته:
Why we get sick: The new science of Darwinian medicine.
Evolution and Healing.
معلومات عن المترجم:
محمد فتحي خضر: مترجم مصري تخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية عام 1999م، وتعاون مع مؤسسات عربية مرموقة في ترجمة ومراجعة عشرات الكتب في مجالات مختلفة، ومن أبرزها:
العادات الذرية: منهج سهل لبناء عادات جيدة والتخلص من العادات السيئة.
بهجة الحياة البسيطة: دليلك إلى التخلص من الفوضى، وإلى التنظيم والبساطة.
التطور: مقدمة قصيرة جدًّا.