كيف يمكن تعريف التكنولوجيا؟
كيف يمكن تعريف التكنولوجيا؟
إن التكنولوجيا ليست ببساطة قضية مستجدات تكنولوجية فحسب، بل إنها قضية تقبُّل لهذه المستجدات، وهي تتطوّر مع مجالات ثقافية ومجتمعية واقتصادية وسياسية، وغيرها من المجالات التي تتأثر بالتكنولوجيا وتؤثر بها، ويقصد من التكنولوجيا أن تقوم بعمل ما، وتنجز غايات أو مهمات محدّدة، وهي في الواقع آليات ربط أسباب ونواتج، تربط بين نيّة الإنسان، ونواتج محدّدة، ويتم ذلك في كثير من الأحيان بدقة عالية، ومن ثم يجب وضع تعريف بسيط لمستويات الوظيفة التكنولوجية بما يسمح بفهم أوضح وأقل إرباكًا، فمثلًا، “محمصة الخبز، والأسلحة النووية”، كلاهما يعدان من التكنولوجيا، ولكن يختلفان في المستوى والأثر الذي يُحدثانه.
التكنولوجيا توفّر لنا مجالًا يتوسّع باستمرار، ولكن بشكل غير متساوٍ مع الزمن، وخلال هذه العملية المستمرة تغيِّر التكنولوجيا بشكل كبير العوالم الطبيعية والاجتماعية، ويبدو أن التكنولوجيا تجعل فكرة التقدّم أكثر تجسيدًا، وأكثر إرباكًا في نفس الوقت، وما يحدث الآن ليس شيئًا جديدًا بالمرة، فالبشر كانوا دائمًا يلعبون لعبة تحويل أنفسهم بالتكنولوجيا، ولكن الاختلاف هو أننا على عتبة التدخل المباشر في عملية التطور والارتقاء لذواتنا، وستكون فوائد ذلك مدهشة، ولكن المخاطر على الإنسانية كذلك ستكون كبيرة، فنحن سنغير طبيعتنا بأساليب قد تؤدّي إلى تآكل أسس المجتمع نفسها.
التكنولوجيات لا تتصرف بشكل منعزل، فهي مرتبطة بتكنولوجيات وأنماط أخرى، وتتفاعل بطرق لا يمكن للمرء أن يتنبأ بها أو يسيطر عليها، كما أن التكنولوجيا في الواقع تكون متضمنة في حقيقتين مستقلتين، الأولى، هي حقيقة الفاعلية المباشرة للتكنولوجيا، مثل: الطائرات النفاثة، التي تحمل الناس بشكل آمان وتقلل المسافات، والثانية، هي التعقيدات النظمية؛ فتجد أن نظام النقل الجوي يمثل تجسيدًا للا عقلانية بنظام تسعير جنوني، وعمليات الأمن الحمقاء عند ركوب الطائرة، والتأخيرات المستمرة، والطائرة على الرغم من أنها متاحة للجميع، فإنها تكنولوجيا متطورة للغاية. وقد صنف الكاتبان المستجدات التكنولوجية وتطبيقاتها وما ينتج عنها في ثلاثة مستويات، وقد يكون من الصعب وضع الحدود الفاصلة بينها، لكن هذا التصنيف ضروري للمساعدة على فهم ما يجري.
الفكرة من كتاب حالة الآلة – الإنسان
يمر العرق البشري في القرن الواحد والعشرين، وكوكب الأرض عمومًا بمرحلة حرجة ستؤدّي إلى تغييرات هائلة في القريب العاجل، فنحن نعيش الآن في ما يعرف بـ “عصر الآلة – الإنسان” فلا نستطيع تحديد ما هو إنساني، وما هو آلة، وسط التشتُّت الكبير من التكنولوجيا التي تهدف إلى القضاء على كل ما هو إنساني.
وقد استعرض الكتاب مختلف تأثيرات المستجدات التكنولوجية المتراكمة في جميع مناحي الحياة، كما وضح التغييرات الجذرية المتوقعة في ظل هذه المرحلة الحرجة، وما إذا كنا سنستطيع التأقلم عليها، أم أن التكنولوجيا ستغطى علينا وتُعيد تشكيلنا، كما وضح الكاتب أن ما نعانيه الآن ليس جديدًا، بل هي حالة رافقت وتزامنت مع تطور الجنس البشري، منذ اكتشاف النار، مرورًا باختراع السكك الحديدية وحتى الآن، الفارق الوحيد هو الوتيرة السريعة التي تتقدّم بها التكنولوجيا من حولنا. لذا شدّوا الحزام واستعدّوا للانطلاق في هذه الرحلة.
مؤلف كتاب حالة الآلة – الإنسان
بردان ر. اللنبي : وُلد في عام 1950، وهو عالم ومحامٍ بيئي، يعمل أستاذًا للهندسة المدنية والبيئية والقانون في جامعة ولاية “أريزونا”، تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف في جامعة “ييل” عام 1972، وحصل على الدكتوراه في القانون، وماجستير في الاقتصاد في جامعة “فيرجينيا”، كما حصل على ماجستير ودكتوراه في العلوم البيئية في جامعة “روتجرز”، وعمل محاميًا لمجلس الطيران المدني ولجنة الاتصالات الفيدرالية، فضلاً عن كونه مستشارًا استراتيجيًّا في قضايا الاتصالات الاقتصادية والتقنية.
ومن أهم أعماله :
Design for Environment.
Reconstructing earth Technology and environment in the age of humans.
دانيال سارويتز : وُلد عام 1955، وهو أستاذ العلوم والمجتمع بجامعة ولاية “أريزونا”، ويشغل منصب المدير المشارك لاتحاد العلوم والسياسة والنتائج (CSPO)، ويركز عمله على الكشف عن الروابط بين العلوم، والبحث العلمي، والنتائج الاجتماعية، حصل على دكتوراه في العلوم الجيولوجية في جامعة “كورنيل” عام 1986، وألَّف عددًا من المقالات العلمية والعامة حول تفاعلات العلوم، والتكنولوجيا والمجتمع، كما عمل في قضايا سياسة البحث والتطوير موظفًا في مجلس النواب الأمريكي.
ومن أهم أعماله :
Frontiers of illusion
Prediction: Science, Decision Making, and the Future of Nature.
معلومات عن المترجم:
حسن الشريف : حائز على دكتوراه في الهندسة النووية من جامعة “كاليفورنيا” في “بيركلي”، ويعمل مستشارًا لسِياسات العلم والتكنولوجيا في المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، ومحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي الجامعة اللبنانية الأمريكية.