كيف يمكن أن تحرمك البيتزا من وظيفة أحلامك؟
كيف يمكن أن تحرمك البيتزا من وظيفة أحلامك؟
لا يمكننا التحدث عن البيانات دون التطرق إلى فيسبوك بصفته موقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا، ورغم أن بياناته لا يمكن الاكتفاء بها والاعتماد عليها دون مصادر معلومات أخرى، يمكن أن نعرف الكثير من خلالها، ففيسبوك عالم رقمي مبني على التفاخر والاستعراض للحصول على القبول والإعجاب، حتى لو كانت مشاركاتك مختلفة عن ممارساتك في العالم الحقيقي، فالتجربة أثبتت أن البيانات أصدق مما يقوله الناس، فقد عارض مستخدمو الفيسبوك تحديث معرفة أخبار أصدقائهم لحظة بلحظة، ولكن أوضحت البيانات تزايد معدلات التفاعل والبقاء لأطول وقت ممكن على الفيسبوك!
مثال آخر على صدق البيانات وكذب البشر، وهذه المرة مثالنا من نتفليكس، التي سبق وأصدرت تحديثًا يمكّن المستخدم من وضع قائمة للأفلام التي ينوي مشاهدتها، ولكنه يضع أفلامًا لا تناسب مزاجه وبياناته، بل متوافقة مع طموحاته وخططه التي لا تنفذ، فانخفضت معدلات المشاهدة، فألغت نتفليكس ذلك التحديث وأصبحت ترشح الأفلام بناءً على الخوارزميات التي تتنبأ باختيارات العميل، واحزر التأثير! نعم لقد ارتفعت معدلات المشاهدة.
لم يعد علماء البيانات يتفاجؤون من قدرة البيانات، فإذا طرحت السؤال الصحيح ستتلقى الإجابة، لا يلزم لها أن تكون مقنعة فقد نتوصل عبر تحليل بيانات آلاف الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن حب البيتزا مرتبط بالكفاءة الوظيفية، وبالطبع لهذا الحكم جانب ظالم كبير، فإذا كان حكمًا مفصليًّا، فما ذنب الذي يتمتعون بالكفاءة الوظيفية ويفضلون طعامًا آخر؟
الفكرة من كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
“الخوارزميات تعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك”، عبارة قالها أحد علماء البيانات السابقين، فلماذا يَعتقد ذلك؟ يَعتقد ذلك بسبب أن الخوارزميات تتعامل مع كل البيانات التي ننتجها في أثناء تفاعلنا مع الإنترنت، كل موقع ندخله، وكل صورة نعجب بها، وحتى كل النقرات مسجلة، وعلى عكسنا، فالبيانات لا تستطيع الكذب وإخفاء الحقائق، فما تبحث عنه في جوجل وما تعجب به في فيسبوك يعبر عنك بشكل أكبر مما تعتقد.
مما يجعلنا نطرح الأسئلة الآتية، لماذا ازداد الاهتمام بالبيانات في عصرنا الرقمي؟ وإلى أي مدًى يمكن أن تكشف لنا خبايا أنفسنا؟ وما رأي بياناتنا في مشكلات العنصرية والكراهية والتحيز والعنف؟ وهل يمكن تخيل عالم يحكم على الأفراد بالكفاءة الوظيفية إذا كانوا يحبون البيتزا؟ سنغوص في أعماق الزوايا التي لم يبحث فيها أحد ونجيب عن تلك الأسئلة ونفهم المزيد عن عالمنا.
مؤلف كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
سيث ستيفنز – دافيدوتس: عالم بيانات واقتصادي أمريكي ولد في سبتمبر عام 1982م، ألف عدة مقالات في نيويورك تايمز كما قدم بعض المحاضرات في جامعة بنسيلفينيا، حصل على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستانفورد، ثم حصل على دكتوراه في الاقتصاد بجامعة هارفارد بعام 2013م، ألف كتابًا آخر بعنوان:
– لا تثق في حدسك: استخدام البيانات للحصول على ما تريده حقًّا في الحياة.
معلومات عن المترجم:
أحمد الأحمري: مترجم وكاتب سعودي الجنسية، يعمل عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، وترجم كتاب:
– التطور الثقافي في العصر الرقمي.