كيف يكون غزو النفس؟
كيف يكون غزو النفس؟
هناك بعض الناس تحتلُّ مشاعرنا وتزرع بداخلنا ما ليس فينا، بل ما هو فيهم حتى نصبح مجرد آله تعبِّر عن رغباتهم سواء كانت حبًّا أو كرهًا… سعادةً أو حزنًا، وهذا يُدعى “التقمُّص الإسقاطي”، والأمر ليس مقتصرًا فقط على الأفراد، بل يتعدَّى إلى الجماعات والأسر، فقد تَبُثُّ الأسرة داخل أحد أفرادها النجاح والتميز حتى يصدق النجاح، وقد يصبح ناجحًا حقًّا؛ مثل الأسره التي تخبر ابنها باستمرار أنه ناجح وتبعث فيه مشاعر النجاح، وبعض الدول العظمى تتبع هذه السياسة كمنهجية لها، وكذلك في الجامعات والمدارس، فلا تسمح أن تُمارَس تلك السياسات عليك واحمِ نفسك من تلك المشاعر.
وفي مسرح الحياة تنقسم الأدوار إلى ثلاثة أصناف؛ الصنف الأول (الضحية)، وهو النوع الذي يُسخِّر رغباته وقدراته من أجل إرضاء الآخرين، وترى هذا النموذج في تلك الأم التي تضحِّي بأحلامها وممارسة حقوقها الطبيعية وتتعايش مع رجل لا يقدِّرها، وتتحمَّل كل هذا العناء دون مقابل من أجل أولادها، والصنف الثاني هو (الجاني) الذي يقسو على زوجته وعلى أولاده ويمارس تلك السياسة مع كل من يراه يصلح أن يكون ضحية، ولا يرضيه شيء ولا يتقبَّل الأعذار وفي علاقاته تكون الكلمة العليا له ويحتاج إلى كثير من المبررات ليثق، وإليك بالصنف الثالث وهو (المنقذ)، وترى هذا الدور في ذلك الزميل الودود المحتوي للضحية، والذي يحقِّق لها رغباتها ويعد المنقذ من آثام الآخرين، كالخاطب الذي تراه الفتاة منقذها من بيت أبيها الذي ربما يكون الأب قاسيًا لا يتكبَّد العناء لشيء في الحياه سوى نفسه، ومع الوقت يتحوَّل هذا المنقذ غالبًا إلى جانٍ أيضًا.
بعد أن رأيت الأدوار الثلاثة، هل علمت أي دور تلعب أنت في حياة الآخرين؟ وأي شخصٍ يمارس عليك دور الجاني أم أنت الجاني؟ وفي الأدوار الثلاثة ليس هناك دور أفضل من الثاني، فالجميع مذنب في حق نفسه وفي حق الآخر.
وزد في معلوماتك أنه قد يلعب أحدهما دور الضحية مع شخص والمنقذ مع شخص الآخر، وربما نفس الشخص يلعب دور الجاني أيضًا، وهذا يتوقَّف عليك أنت، فلا تسمح لأحد أن يمارس عليك تلك الأدوار أو أن تمارسها أنت على أحد.
الفكرة من كتاب الخروج عن النص
لا نزال نحمل بقايا تؤلمنا من الماضي ومخاوف لا نعرف كيف نتجاوزها، وقد تصدر منا بعض التصرُّفات لا نعرف لها مبررًا في أنفسنا، ومشاعر لا نعرف كيف أتت، معًا في هذا الكتاب نتعرف على النفس وماهيتها وكيف نحفظ حدودها ولا نسمح لأحد بأن يتعدَّى الخطوط الحمراء، ونتعلم كيف نتجاوز تلك الأمور التي لا تزال عالقة في أعماقنا وكشف الحجاب عن أفعال بعض الناس التي قد تكون خارجة عن النصوص الراسخة في عقولنا.
مؤلف كتاب الخروج عن النص
محمد طه: طبيب نفسي مصري، وكاتب مشهور حاصل على الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي، وحاصل على الزمالة في الطب النفسي من الكلية الملكية البريطانية، وله العديد من المؤلفات منها: “لأ بطعم الفلامنكو”، و”علاقات خطرة”، و”ذكر شرقي منقرض” .