كيف يقل الاستقطاب وتزيد العنصرية؟
كيف يقل الاستقطاب وتزيد العنصرية؟
لعلك سمعت بمشكلة الاستقطاب، وهي ميلنا إلى متابعة الأخبار والمعلومات الموافقة لآرائنا فقط، بسبب فصل الإنترنت بين مجموعات الأفراد بترشيح تفضيلاتهم ومنحهم القدرة على اختيار المحتوى المعروض عليه، ولكن هل هذه المشكلة حقيقية؟ مرة أخرى تصدمنا البيانات، ففي دراسة حديثة تبين أن احتمالية مقابلة أحد مخالف لرأيك على الإنترنت أكبر من الحقيقة، لثلاثة أسباب، الأول هو أن المواقع الضخمة متاحة أمام الجميع وسهلة الوصول، والسبب الثاني هو ذهاب المخالفين إلى مجموعات الآخرين للجدال والاستفزاز، والسبب الثالث لزيادة احتمالية اصطدامك بأحد مخالف لرأيك هو هشاشة الروابط الاجتماعية، فقد تتعرف على شخص واقعي لتتفاجأ بآرائه لاحقًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتولد من الاستقطاب الكراهيةُ والتحيز، فقد اعتدنا إصدار حكم مسبق على الأشخاص والأفعال حسب العرق أو الدين أو الجنس، وتؤكد البيانات تصاعد تلك النبرات رغم محاولة تحسين صورتها، فمثلًا ما زالت الأقليات في أمريكا كالمسلمين أو السود يعانون من تكوين صورة نمطية سيئة وتعميمها، وقد تتفاجأ إذا علمت بتزايد البحث عن النكات والشتائم العنصرية وتداولها بعد صعود أوباما كأول رئيس أمريكي ذي أصول إفريقية.
وتؤدي الكراهية والتحيز إلى العنف بطبيعة الحال، ولكنْ هناك أنواع معينة من العنف تزدهر في أوقات الركود الاقتصادي، كالعنف ضد الأطفال على الرغم من قلة عدد البلاغات الرسمية للجهات المختصة فإن بيانات البحث على جوجل تخبرنا بالحقيقة المرّة، وتشير إلينا أيضًا بأن التجريم القانوني لبعض التصرفات لا يكفي للحد منها، بل يمكن أن يشجعها.
الفكرة من كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
“الخوارزميات تعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك”، عبارة قالها أحد علماء البيانات السابقين، فلماذا يَعتقد ذلك؟ يَعتقد ذلك بسبب أن الخوارزميات تتعامل مع كل البيانات التي ننتجها في أثناء تفاعلنا مع الإنترنت، كل موقع ندخله، وكل صورة نعجب بها، وحتى كل النقرات مسجلة، وعلى عكسنا، فالبيانات لا تستطيع الكذب وإخفاء الحقائق، فما تبحث عنه في جوجل وما تعجب به في فيسبوك يعبر عنك بشكل أكبر مما تعتقد.
مما يجعلنا نطرح الأسئلة الآتية، لماذا ازداد الاهتمام بالبيانات في عصرنا الرقمي؟ وإلى أي مدًى يمكن أن تكشف لنا خبايا أنفسنا؟ وما رأي بياناتنا في مشكلات العنصرية والكراهية والتحيز والعنف؟ وهل يمكن تخيل عالم يحكم على الأفراد بالكفاءة الوظيفية إذا كانوا يحبون البيتزا؟ سنغوص في أعماق الزوايا التي لم يبحث فيها أحد ونجيب عن تلك الأسئلة ونفهم المزيد عن عالمنا.
مؤلف كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
سيث ستيفنز – دافيدوتس: عالم بيانات واقتصادي أمريكي ولد في سبتمبر عام 1982م، ألف عدة مقالات في نيويورك تايمز كما قدم بعض المحاضرات في جامعة بنسيلفينيا، حصل على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستانفورد، ثم حصل على دكتوراه في الاقتصاد بجامعة هارفارد بعام 2013م، ألف كتابًا آخر بعنوان:
– لا تثق في حدسك: استخدام البيانات للحصول على ما تريده حقًّا في الحياة.
معلومات عن المترجم:
أحمد الأحمري: مترجم وكاتب سعودي الجنسية، يعمل عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، وترجم كتاب:
– التطور الثقافي في العصر الرقمي.