كيف يفهم الدماغ العواطف؟
كيف يفهم الدماغ العواطف؟
لقد تعلمنا كيف يحاكي الدماغُ العاطفة، ولكن ما الذي يساعده على تصنيف ضجيج المدخلات الحسية الكثيرة التي تحيطه، كيف يحدد المهم منها ثم يفهمه؟ الإجابة هي عن طريق المفاهيم، التي تعد تمثيلًا ذهنيًّا لفئة ما في الدماغ، فمثلًا أنت تفهم معنى كلمة الإرهاق، وتستطيع تحديد الشخص المرهق بسبب بعض السمات التي تخزن ذهنيًّا في دماغك تحت مسمى الإرهاق، حتى تستطيع استخدامها لتصنيف الضجيج وفهمه مرارًا وتكرارًا، وتختص الأدمغة البشرية بقدرتها على صياغة مفاهيمها بناءً على أهداف محددة، فإذا أردت طلب طعام معين فإنك تصنف الأنواع المختلفة من الطعام تحت هدف الأكل أو الإشباع لا الزينة مثلًا.
كيف تنشأ المفاهيم؟ بداية من مرحلة الطفولة، يبدأ الدماغ في التعلم وتكوين مفاهيمه من الأب والأم ثم الثقافة المحيطة، بجانب ربط التصرفات والسياقات بالعواطف الملَقَّنة، بالإضافة إلى قدرتنا على دمج أكثر من مفهوم لتوليد آخر جديد، أو تعلم مفاهيم من ثقافات أخرى، وهو ما نلاحظ تأثيره في المسافرين إلى دول مختلفة عن سياقهم الثقافي عند تعلمهم بعض العواطف والمَلكات الجديدة، وكلما اكتسب المرء مفاهيم أكثر زادت قدرته على التمييز بين العواطف، ورُزق نظرةً مركبةً نحو الثقافات المختلفة وطرائق تعبيرها عن المشاعر.
وبعد أن نصنف المدخلات بين الضجيج نحتاج إلى أن نختار أحد البدائل المتاحة للتنبؤ، فقد نغضب لسبب ما ثم نفكر في تصرفنا تجاهه، هل نصرخ أم نضرب أم نتجاهل؟ وكل بديل من هذه البدائل مرتبط بميزان الطاقة بجسدنا، وتقع مسؤولية تنظيم العاطفة على شبكة السيطرة والضبط، وهي المكون الأساسي الثاني للعواطف بجانب شبكة الحس الباطني.
الفكرة من كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
دائمًا ما نسمع تبريرات لأفعال خاطئة مثل “لقد أثار غضبي” أو “كنت مكتئبًا وحزينًا وقتها”، معتقدين أن عواطفنا ومشاعرنا مجرد ردود أفعال على ما حولنا، نفقد معها القدرة على التحكم في أنفسنا، فنرمي المسؤولية على تلك العواطف والمشاعر الخارجة عن السيطرة.
ولكن تلك رؤية قديمة خاطئة للعواطف والمشاعر، فهي ليست ردود أفعال انفعالية لحظية، بل يمكننا التحكم فيها، بالإضافة إلى أننا لا نولد بها كجزء ثابت مميز، ولهذا فإن الحل يكمن في فهم نظرية العواطف المبنية، لنعرف التصور الصحيح عن عواطفنا ومشاعرنا والفرق بينها، وكيف ينعكس ذلك على جوانب حياتنا المختلفة، وهل ستتغير نظرتنا إلى أنفسنا إلى الأفضل أم لا.
مؤلف كتاب كيف تُصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ
ليزا فيلدمان باريت: عالمة نفس وأعصاب أمريكية من أصل كندي، ولدت في تورونتو عام 1963م، وحصلت على الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي عام 1992م، تعمل بروفيسورة علم النفس في جامعة North Eastern حيث تشارك في إدارة مختبر العلوم الوجدانية المتعددة التخصصات، بالإضافة إلى عملها محاضِرة في كلية الطب بجامعة هارفارد، توصف بأنها أهم عالمة في مجال العواطف والمشاعر البشرية، وحصلت على عديد من الجوائز مثل جائزة Pioneer لمدير المعاهد الوطنية للصحة، بجانب جائزة المعلم لجمعية العلوم النفسية، أما عن أعمالها فتنشر مقالات بانتظام وتظهر في البودكاست والعروض الإذاعية لتبسط العلوم للجمهور، ولها كتاب آخر بعنوان:
سبع دروس ونصف حول الدماغ.
معلومات عن المترجم:
إياد غانم: مترجم له عدة أعمال، وهي:
كيف وصلنا إلى الآن.
كما شارك في تأليف كتاب: كيمياء الحياة.