كيف يجعلنا الإِعجاب سعداء؟
كيف يجعلنا الإِعجاب سعداء؟
منذ قيد الزمان كانت كلمة الإعجاب مرادفًا للدهشة، وكانت كلمة الإعجاب عند ديكارت تعني المفاجأة السريعة للنفس التي تجعلها تنظر باهتمام إلى الموضوعات التي تبدو لها نادرة واستثنائية، وفي الواقع أن البشر لا يعجبون أبدًا إلا بما يتجاوزهم ولا يكون بمقدورهم أن يفعلوه بمفردهم، فالجميع يعجب بالكائن الاستثنائي والمتعالي الذي يختلف عنهم ويفوقهم، وبالتالي يجبرهم على الفرار من الأنا الخاصة، والهروب إلى الخارج، والتفكير في أي شيء خلاف أنفسهم الغالية.
ويقول السياسي الفرنسي ليون بلوم عن الثورة وفق تصوُّره إنها نموذج جماعي حاز إعجاب الجماهير، وهي من الأساس قد صنعها البشر للبشر، حتّى ولو تم التفكير فيها بأنها تفوق كل فرد على حدة، ولهذا يتم تمثيل الإعجاب فعليًّا في تاريخ البشر بسلالم تتدرَّج منذ الأزل عن البشر إلى ما هو بشري أكثر.
ومن الغريب أن يكون عالم الرفاهية هو المماثل لهذه الحماسة المصاحبة للإعجاب بشيء ما يجعل الجميع سعداء لأنه وبسبب العجز عن أن يصبح الجميع عباقرة، يمكن من خلال المال الدخول إلى مجال يُشعر الجميع بالنجاح في الإفلات من إمبراطورية الأشياء سريعة الزوال، والاستهلاك العادي، وكل هذا يقود الكاتب للتساؤل عما تبقَّى للجميع ليثير إعجابهم في عالم ديمقراطي وعلماني، خاضع لعلمنة كل أشكال المقدس، لكل صيغ التعالي، وأن ما تفرضه العلمانية سيقود إلى انتهاء كل الأشياء التقليدية التي كانت مصدر إعجاب؟ ولذلك يلزم اتخاذ مفاهيم فلسفية جديدة يفكر البشر من خلالها في العقبات والأمنيات، وأن الأمر يستحق العناء طالما كان محل إعجاب، وأن يتأمل الجميع مصادر الإعجاب الفعلية الحقيقية بدلًا من الأيديولوجيا والواقع بدلًا من الأوهام.
الفكرة من كتاب مفارقات السعادة
من السهل تحديد أسباب التعاسة كهجر حبيب أو فقدان صديق أو حادث أليم، أما السعادة فمن الصعب تحديد تعريفها، وتحديد أسبابها، ولذلك يحاول الكاتب هنا البحث عن أسباب توفير لحظات السعادة والاطمئنان في الحياة، وهدم كل الأفكار المشوهة.
مؤلف كتاب مفارقات السعادة
لوك فيري: فيلسوف فرنسي ولد سنة 1952، شغل منصب وزير التربية والتعليم في فرنسا في الفترة (2002: 2004).
التحق لوك فيري بالتدريس، فدرَّس الفلسفة والعلوم السياسية في جامعات فرنسية كثيرة، وبدأ نشر إنتاجه منذ 1985 بكتاب ينتقد الفكر الفلسفي السائد، وعنوانه “مقال في مناهضة الإنسية المعاصرة”، ثم أصدر كتابًا بعنوان “النظام الإيكولوجي الجديد”، وآخر بعنوان “الإنسان الإله أو معنى الحياة”.