كيف يؤثِّر تدبُّر القرآن؟
كيف يؤثِّر تدبُّر القرآن؟
نشبه القلوب بالأحجار حين نجد في أصحابها من القسوة ما لا يكون محمودًا ويتخطَّى مداه، وقد نعاني نحن أيضًا هذه المشكلة، فيتسبَّب ذلك في أخطاءٍ نرتكبها بحق قراراتنا وأنفسنا وعلاقاتنا، كما أنها تحدث عندما يتهاون الإنسان في الطاعات ويستثقلها، فتضعف معه الغيرة والحمية لدين الله، وينسى رسالة الإسلام وهدفه الرئيس في الحياة، ويسير في دنياه كالتائه يحمل الهموم ولا يتخلَّص منها، أولم ير قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾، والعلاج لذلك هو تدبُّر القرآن، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
ولتعلم أنه إذا شُفيت الصدور كما ذُكر في الآية، تجد أن أصحابها قد استصغروا الأهداف السرابية التي تستعظمهما النفوس الوضيعة والأقل شأنًا وتجعل حياتها لأجلها، كالولع بالشهرة وحب الظهور وشهوة الرياسة وغلبة الأقران، وتلك الأهواء التي أصبحت أهدافًا وغايات لأغلبنا في عصرنا الحالي.
وبتدبُّر القرآن يعلو شأن الإنسان وتصدق همَّته فيرى بيان القرآن لتفاهة الدنيا، كما أن متدبِّر القرآن يرى ما فيه من عناية بتنظيم مواقف المرء في حياته، بما في ذلك العلاقة بين الجنسين، ففي قوله: ﴿إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍۚ﴾، وكذلك للمرأة حين نهاها عن التلطُّف في القول للغرباء ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾، وما إلى ذلك من الأمور الأخرى.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.