كيف نكتب التراجم؟ أدب أجنبي
كيف نكتب التراجم؟ أدب أجنبي
لم يحظ أدب التراجم بالعناية المطلوبة من الأدباء، فقد ظنوا دائمًا أن من أيسر الأغراض الأدبية أن تعرِّف بعالم أو رجل من أصحاب الشأن في التاريخ، ذلك لأنهم لم يكونوا ليترددوا في كيل المديح وحشو الأوراق بالأوصاف والألقاب التي قد تقال لجميع العظماء، فتكون في معظمها صفات مشتركة، لا تميز قائدًا حربيًّا من عالم دين، فلا يستشعر القارئ ملامح كل شخصية وصفاتها، وتنعكس الكلمات والأوصاف في ذهنه جامدة، فاقدة للحس والحرارة، ولا تختلف الشخصيات في مخيلة القارئ عن التماثيل التي يراها في الشوارع والمتاحف، ولذلك يجدر بمن يُعنى بالترجمة للأعلام والمشاهير أن تجمعه بهم صلة مباشرة، فإن لم تكن بالصحبة، فبالدراسة والتمعن في سيرهم وأخبارهم، وأن يكون الدافع الذي يحث الكاتب على الاهتمام بالشخصية نابعًا من داخله وتلبيةً لنداء القلب الذي يلح في التعريف بهذا الرجل، ثم عليه توخي الحذر من أن تخدعه الألفاظ، فيُعطي الرجل أكبر مما يستحق أو ينزله منزلة أواسط الناس، والدقة في وصف علمه وفنه، وهذا يعني ألّا يُقصر الكاتب في قراءة ودراسة أثر من يُترجم له، فيجمع مع حسنِ البيان الاطلاعَ الدقيق والوصفَ الوافي.
كذلك لم يفت الرحالة المسلمين تدوين وقائع رحلاتهم وأسفارهم، فنشأ في المكتبة العربية صنف كامل يهتم بأدب الرحلات، ومع الإقرار بفضل هذا النوع من الأدب في علم الجغرافيا، إلا أن المجتمعات التي نقلها هؤلاء الرحالة لم تكن مُعقدة ومتغيرة كمجتمعات اليوم، فجاءت أوصافهم على هذا القدر، مُكتفية بالوصف والنقل، وكان المعتاد أن يدون الكاتب وقائع رحلته بعد أن يفرغ من متاعب السفر، فلا تُسعفه مشاعره ولا تمده ذاكرته بصورة مُطابقة لما رأى وسمع، فيكتفي الكاتب بالجانب الوصفي السطحي من هذه البلاد، وتخلو كتابته من أية مشاعر ووشائج تربطه بهذا المجتمع، فيجد القارئ نفسه أمام نص مَبتور لا يشعر منه بالزمن الذي كُتب فيه، ولا بالقوم الذين يحكي عنهم.
الفكرة من كتاب نظرات في الأدب
عرفت الأمة الإسلامية أبا الحسن الندوي داعيةً ومفكرًا إسلاميًّا، وبلغت شهرته الآفاق مع صدور كتابه “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”، ربما التفت البعض إلى بلاغته وحسه الأدبي في مؤلفاته، لكن ظل هذا الجانب من شخصيته مجهولًا وراء لثام الداعية والمفكر، وهو في هذا الكتاب يكشف عن هذا الجانب، فنراه يدمج ذوقه الأدبي مع أدوات المفكر ومنهجيته النظرية في مراجعة تاريخ الأدب العربي في عصور توهجه وانحطاطه، ثم يؤسس لنظرية أدبية جديدة، يضع فيها نماذج الأدب ومراجعه المُتبعة في الميزان، ليلفت أمته وينبهها لأدب آخر مجهول أهمله الدارسون، فقط لأن أصحابه لم يقولوا عنه أدبًا.
مؤلف كتاب نظرات في الأدب
أبو الحسن الندوي: مفكر إسلامي وداعية هندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية، مثل حركة “رسالة الإنسانية” و”المجمع الإسلامي العلمي”، حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام. من أهم أعماله:
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.