كيف نقترب؟
كيف نقترب؟
كم من العمر سيمضي بين جيلي السجود والفتح وبيننا الآن؟ بكل صراحة بيننا وبينهم مسافات شاسعة، وهو أمر لا يمكن إنكاره، إلا أنه من ناحية أخرى لا بدَّ من السعي والمضي في الطريق دون توقُّف، ولا يصح أن تكون هذه المسافة البعيدة سببًا إلى الإحباط والتخاذل، فكل إنسان ليس مطالبًا بأن يكون أحد أفراد جيل الفتح، لكنه مطالب بكل تأكيد بأن يكون أحد القائمين بأدوارهم القائمين بالقسط.
وقد يقول قائل ما آلية الاقتراب إذن؟ كيف نقترب من جيل السجود؟ والإجابة التي تبدو يسيرة نوعًا ما من الناحية الظاهرية يوضحها القرآن في قول الله تعالى: ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾، وهي في الحقيقة تستبطن معنى عميقًا، فالسجود في حد ذاته يجعلنا أقرب ما نكون إلى حقيقتنا التي خلقنا الله عليها، فنحن مخلوقون من طين، وكذلك عندما نضع جبهتنا وأيدينا وأرجلنا وركبتينا على الأرض ونقترب منها نتذكر أن أصلنا منها، وأننا إليها سنعود، طال العمر أو قُصر، نحن نضع جبهاتنا على الأرض التي هي موضع استخلافنا.
كذلك لما نسجد وتتلامس رؤوسنا مع الأرض يقترب العقل المستقر في الرأس من الأرض، وهذا العقل هو مطالب دائمًا بالتفكير في واجب الاستخلاف، والتفكير في إيجاد طرق الاستخلاف، والتفكير في كيفية المضي قدمًا نحو الغاية، وسيذكر العقل نفسه أنه ليس مطالبًا دائمًا بأن يصل وأن يكون من جيلي السجود والفتح، لكنه مطالب دائمًا بأن يبذل ويتحرك، ليمتاز عن غير الإنسان الذي لا عقل له.
الفكرة من كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
يقول رسول الله (ﷺ): “ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ”.
في هذا الكتاب؛ يعرض أحمد خيري العمري هيئات الصلاة من قيام وركوع وسجود، موضحًا المعاني الكامنة حول تلك الهيئات، وأنه لا ينبغي أن يقتصر المرء على القيام بالحركات والأوضاع دون فهم المعاني المرتبطة بتلك الحركات والمغزى من ورائها.
مؤلف كتاب فيزياء المعاني.. هيئات الصلاة: نمط عمارة لبناء الإنسان
أحمد خيري العمري: كاتب وطبيب أسنان عراقي، اشتهر بكتاباته في مجال النهضة الإسلامية، وتم تصنيفه -وفقًا لأحد مراكز الدراسات السويسرية- ضمن قائمة تحوي 100 من المؤثرين في صناعة الرأي عربيًّا، وذلك في عام 2017.
له من الإنتاج الثقافي الكثير منذ بدأ الكتابة والنشر، يتراوح بين ثلاثة عشر كتابًا وثلاث روايات وثلاثة برامج متلفزة، حيث احتلَّت الكتب النصيب الأكبر والانتشار الأوسع، ومنها:
البوصلة القرآنية.
عالم جديد ممكن.
الذين لم يولدوا بعد.
المهمة غير المستحيلة.
لا نأسف على الإزعاج.