كيف نشأ اضطرابه؟
كيف نشأ اضطرابه؟
تكوَّنت مشاعر الخزي والعار وأفكار النقص وعدم الكفاية في النرجسي منذ كان طفلًا، فربما كان أحد والديه أو كلاهما قاسيًا أو جافًّا تجاه مشاعره واحتياجاته، وربما كان والداه كثيري النقد والمقارنة، ووضعه دائمًا في دور عبقري الأسرة، المسؤول عن رفع شأنها، وإذا أخفق في هذا الأمر قابلوه بالإساءة والغضب؛ فهم لا يسمحون له بالخطأ، ويحاولون بكل طريقه جعله طفلًا مثاليًّا كاملًا، فأحسَّ الطفل وكأن حبهم له مشروط بأدائه، وأنه لن ينال أبدًا هذا الحب، فأصبح يحتقر ذاته، ويحاول التبرؤ منها، لأنها لن تكون أبدًا مصدر فخر لوالديه، فيُقرِّر أن يدَّعي المثالية، ويبحث عن إعجاب الآخرين، واعترافهم بمميزاته ومثاليته الزائفة بأي ثمن.
فيترك أي علاقة يقل فيها الإعجاب والدعم، فلا يبدو عليه وكأنه فقد أي شيء، ولا يندم إلا على من كانوا يقدمون له الدعم، ولا يترك إحداهن ربما إلا بعد أن يجد غيرها، أو لديه خطط للحصول على غيرها؛ لكيلا يجد نفسه فارغًا من مصادر الدعم فيتألم، لهذا يعود المؤذي بعد الانفصال باحثًا عن بعض الدعم ثم يرحل ثانيةً، وبسبب جوعه النفسي الدائم وخوفه من فقد مصادر الدعم يقوم ببعض الأفعال المسيئة كإثارة غيرة شريكته؛ كدليل لاستمرار حبها، فيكون هذا المتغطرس شديد الهشاشة من الداخل، أي شيء مهما كانت بساطته يستطيع تحطيمه، وكل هذا ليس بالطبع تبريرًا لاستمرارية العلاقة، ولا يمنح المؤذي فرصة، ويرفع المسؤولية عنه، وإنما تفسير لفهم أكثر فأذى أقل.
وأحيانًا على العكس تمامًا، قد يكون النرجسي نشأ في بيئة أكثر رفاهية، مع والدين كانا يعاملانه كملك؛ كل رغباته يتم تلبيتها دون اعتراض، فيدمن الإعجاب الدائم والمبالغ فيه من والديه، ومن ثم يبدأ البحث عنه في الخارج، متوقعًًا أن يعامله الكون بنفس الطريقة، فيغيب العقل والمنطق والواقعية من كل علاقاته، وتعويض ذلك بمزيد من العاطفية المفرطة، ووحدها الرؤية العقلانية المتزنة والتصور الواقعي يمكن أن يكونا لقاحًا ضد أمراض العلاقات، وجرس إنذار يدعو للهرب أو البحث عن حلول بدلًا من التبرير وتبديل الحقائق.
الفكرة من كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
تبدأ العلاقات المؤذية حينما يريد المرء الهروب من ذاته وممن حوله، وأكثر الناس اقترافًا لأخطاء الاختيار هم أولئك الذين ينتظرون بشغف، ويترقَّبون بتلهُّف، فيقدم الكاتب روشتة نفسية ليست مقتصرة فقط على العلاج، بل أيضًا تتطرق إلى طبيعة العلاقات المؤذية، وطرق التعافي منها، في محاولة لفهم أوسع، وإخراج الضحايا من دائرة الوهم، ومنحهم زاوية جديدة لرؤية الوغد المؤذي.
مؤلف كتاب أحببت وغْدًا.. التعافي من العلاقات المؤذية
الدكتور عماد رشاد عثمان: طبيب بشري من مواليد الإسكندرية عام 1986 ميلاديًّا، كاتب وباحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب، والطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، له العديد من المؤلفات، ومنها:
رواية اقتحام.
أبي الذي أكره.