كيف نسيطر على عواطفنا؟
كيف نسيطر على عواطفنا؟
تمثل العواطف الوقود الذي يدفعنا إلى الأمام، وفي أثناء سعينا إلى تحقيق هدفنا سنختلط بالآخرين ونواجه عديدًا من المشاعر المتضاربة، وهذا طبيعي لأن المشاعر اجتماعية وليست طبيعية، أي إن المشاعر تنتج من تفاعلنا مع الآخرين، ومن ثم فإن للمجتمع دورًا في رسم مشاعر أفراده، فالمجتمع القائم على التنافس والمباراة تكون مشاعر أفراده هي الأنانية والرغبة في التفوق، وأحيانًا تنتشر المشاعر السلبية كالحسد والغيرة والخوف من المستقبل.
واحتكاكنا بالآخرين لا مهرب منه، وبالطبع لا نستطيع تغيير من حولنا ليوجهونا إلى مشاعر أكثر إيجابية، لكن يمكننا تطويع مشاعرنا لرغبتنا عن طريقة السيطرة على رد فعلنا تجاه الآخرين والمجتمع من حولنا، وذلك عن طريق الوجدان اليقظ والعقل المتزن، وفهم عواطفنا الحقيقية بعيدًا عن ضغوطات المجتمع.
والعاطفة التي تواجهنا نوعان، الأول هو العاطفة المرافقة للكارثة الشديدة، ككارثة الحريق أو الغرق أو فقد شخص قريب من الأهل، هذه العاطفة وإن كانت شديدة وصعبة على صاحبها فإنها تحدث مرة واحدة وتنتهي، فيقدر على التعافي منها بمرور الزمن، والنوع الآخر من العاطفة هو المصاحب للأفعال المتكررة المزعجة، كزميل العمل الذي يضايق زملاءه كل صباح، أو الوالد الذي يقرع ابنه كل حين بسبب درجاته المتدنية، هذه الأفعال السلبية المتكررة هي التي تؤدي إلى مشاعر تنغص علينا حياتنا، وأحيانًا تؤدي بنا إلى انهيار الأعصاب، والحل هنا أن نسيطر على ردة فعلنا بالتنبيه على أصحاب تلك الأفعال بالتوقف عما يفعلونه، وأن نحافظ على نوع من النشاط البدني كالمشي أو الجري، أو نوع من الهواية نفرغ فيه توترنا ومشاعرنا.
الفكرة من كتاب فن الحياة
الإنسان يشبه الحيوان من الناحية البيولوجية، فكلاهما يأكل ويشرب ويتناسل، ولكن الإنسان يمتاز من الحيوان بعقله الذي يستطيع أن يسلطه على غريزته فيكبحها ويسيطر على كيفية تدفقها، بينما الحيوان تحركه غريزته دون وعي منه، وبكبح غريزته تمكن الإنسان من توجيه عقله إلى صنع الثقافة والفنون والأدب والحضارة، محولًا بهم المألوف من الطبيعة إلى شكل من أشكال الجمال نستلذ به ونزداد به استمتاعًا بالحياة.
وبالرغم من ذلك فما زال هناك عديد من الناس الذين يعيشون على الضرورات البيولوجية فقط، منساقين وراء مواريث وقيم المجتمع بشكل قائم على الغريزة والعاطفة، فهم يأكلون ويشربون ويشترون الملبس، ويستزيدون من الأموال معتقدين أنهم هكذا يعيشون حياتهم سعداء، ولكنها سعادة كاذبة تجعل أصحابها ذاهلين خاملين يكتفون بالعيش على سطح الحياة دون أن يعيشوا عمقها، دون أن يستعملوا فكرهم وعقلهم ليصلوا إلى السعادة الحقيقية التي لا تخضع لمعايير المجتمع وسعادته الزائفة.
مؤلف كتاب فن الحياة
سلامة موسى: صحفي مصري ولد عام 1887م في محافظة الشرقية، سافر إلى فرنسا وقضى فيها ثلاث سنوات التقى فيها بعديد من الفلاسفة والمفكرين الغربيين، ثم انتقل بعدها إلى إنجلترا وقضى فيها أربع سنوات يدرس الحقوق ويقرأ مؤلفات الاشتراكيين مثل كارل ماركس وغيره، وعندما عاد إلى مصر كان رائد الحركة الاشتراكية وصاحب أول كتاب عن الاشتراكية في الوطن العربي، وأصدر كلًّا من مجلة المستقبل والمجلة الجديدة، وتولى رئاسة مجلة الهلال لمدة ست سنوات، وشارك في تأسيس الحزب الاشتراكي المصري، وتُوُفِّيَ سنة 1958 عن عمر يناهز واحدًا وسبعين عامًا، تاركًا خلفه عديدًا من المؤلفات مثل:
أحاديث إلى الشباب.
الشخصية الناجعة.
الأدب والحياة.