كيف نسهم في تحرير فلسطين؟
كيف نسهم في تحرير فلسطين؟
في هذا الإطار يحدِّد الدكتور راغب السرجاني في هذا الكتاب ستة واجبات عملية يتبعها عوام المسلمين ليؤدوا دورهم أمام الله في نصرة القضية الفلسطينية.
الواجب الأول هو فهم القضية فهمًا صحيحًا كما بيَّنا سابقًا ثم تحريكها بين الناس، فلا ينبغي أن يمر يوم أو يومان إلا وتذكر فلسطين وسط دائرتك الصغيرة، وهذا أقل القليل، ولهذا الواجب أهمية خاصة لأننا بمرور الوقت نصاب بـ”إلف المأساة” فنعتاد مشاهد الموتى والجرحى، بينما سنشعر بعظم المشكلة حقًّا لو حاولنا تبديل الأدوار.
أما الواجب الثاني فهو قتل الهزيمة النفسية وبث الأمل في يقظة المسلمين، فقد أدَّت الهزائم العديدة التي تلقَّاها المسلمون في القرن العشرين، إضافةً إلى انتشار الفساد والانهيارات الاقتصادية والتشاحن والبغضاء بين المسلمين إلى شعور عام بالاستحياء من التاريخ الإسلامي، فواجبنا نشر الأمل بين المسلمين لأن النصر وعد من الله لعباده المؤمنين.
ثم نأتي إلى الواجب الثالث، وهو بذل المال قدر المستطاع والتحفيز عليه، وقد جاء في الحديث: “من جهَّز غازيًا فقد غزا”، ولنتذكَّر: ﴿وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾، إذن فلننوِ جميعًا اقتطاع جزء ثابت من دخلنا لدعم القضية ولو قل، فإن لم تستطع، فالواجب الرابع هو المقاطعة الاقتصادية الشاملة لكل ما هو يهودي أو لكل من دعم الكيان الصهيوني.
إضافةً إلى ذلك، فالواجب الخامس هو الدعاء، فلا ينبغي أن يدع المسلم الدعاء مع الأخذ بالأسباب حتى لا يكون من التواكل، وعلينا إذن أن نتحرَّى أوقات الإجابة وندعو في كل يوم وليلة بالنصر والثبات لأهل فلسطين وبالهلاك على اليهود وأعوانهم.
وأخيرًا الواجب السادس، وهو إصلاح فساد النفس والمجتمع، فكما قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): “إنكم لا تُنصرون على عدوِّكم بالعدد والعدة، وإنما تنصرون عليه بطاعتكم لربكم ومعصيتهم له، فإن تساويتم في المعصية كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العدَّة والعتاد”، والأمة لم تهلك بحكم الخائنين، وإنما الشعوب المغيَّبة، فليس من سنن الله في الكون أن يحكم الصالحين رجلٌ فاسد.
الفكرة من كتاب فلسطين لن تضيع كيف؟
عندما بدأ الاحتلال الإسباني للممالك الإسلامية وتحديدًا الأندلس، بعد انتهاء حكم المسلمين لها بتوقيع آخر ملوك الأندلس المسلمين أبو عبد الله محمد الصغير معاهدة الاستسلام بعد ثمانية قرون من الحكم الإسلامي، ارتكب الاحتلال المذابح الجماعية وطرد أهالي المدن الإسلامية منها، ثم أتى بالإسبان من كل مكان ليوطِّنهم في هذه المدن، هكذا بمرور الوقت أصبح المسلمون إما شهيدًا أو لاجئًا، وأصبح سكَّان الأندلس كلهم من الإسبان.
بعدها كان المؤرخون عندما يتحدَّثون عن الأندلس يقولون: “أعادها الله إلى المسلمين”، أما اليوم فقد ضاعت الأندلس من ذاكرة المسلمين، وأصبحت دولتين هما إسبانيا والبرتغال، وأصبحت الدول المسلمة على علاقة وطيدة بهذه البلاد.
من هنا يأتي هذا الكتاب ليوضِّح لنا أوجه التشابه بين الأندلس وفلسطين، ويوجِّهنا في ستة واجبات عملية لنصرة القضية الفلسطينية حتى لا تكون فلسطين أندلسًا أخرى.
مؤلف كتاب فلسطين لن تضيع كيف؟
راغب السرجاني: هو طبيب مصري من مواليد عام 1964م، تخرَّج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1988م، ثم نال شهادة الماجستير عام 1992م، ثم الدكتوراه عام 1998م، إضافةً إلى كونه أستاذًا مساعدًا لكلية الطب في جامعة القاهرة، فالدكتور هو رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة.
عُرِف عن راغب السرجاني كذلك كونه مفكرًا إسلاميًّا مهتمًّا بالتاريخ الإسلامي، وهو صاحب الفكرة والمشرف على موقع “قصة الإسلام” المعني بهذا الموضوع، وقد أطلق مشروعه الفكري تحت شعار “معًا نبني خير أمة” على أساس فهم التاريخ الإسلامي فهمًا دقيقًا واستنباط عوامل النهضة منه.
صدر للدكتور العديد من الكتب في التاريخ والفكر الإسلامي مثل:
كتاب “ماذا قدَّم المسلمون للعالم.. إسهامات المسلمين في الحضارة الإنسانية”.
كتاب “رسالة إلى شباب الأمة”.
كما قدَّم العديد من البرامج عبر الفضائيات العربية، وله العديد من المحاضرات المسجَّلة كذلك في مواضيع السيرة والتاريخ وغيرها.