كيف نحيا مع حقيقة ذاتِنا
كيف نحيا مع حقيقة ذاتِنا
من نحن؟ ما هي ذاتُنا؟. لو سألتُكَ تلك الأسئلة؛ ربما ستتأملُ بها وتقولُ بأنك لستَ اسمك أو نَسَبَك، ولا حتى جَسَدَك.
فبالرُغمِ من أننا محدودونَ بعالمِنَا المحسوسِ المادي، ولكن في داخلِ كلِ منّا فضاءٌ واسعٌ لا حُدودَ له من الأفكارِ والمشاعرِ والرغبات. كي تعيشَ حياتَكَ بشكلٍ حقيقي؛ عليك أن تقتربَ قدْرَ المُستطاع من ذاتِك، وأن لا تسمحْ لصَخَبِ وروتينِ الحياة، أن يجعلَكَ تفقِدُ خُصوصيّتَكَ وإحساسَك بتميُّزِك؛ فأنتَ لست العالمَ الخارجي ولستَ أحداثَهُ ولا مشاكِلَه.
ولو تعمّقنا أكثرَ بِذُواتِنا؛ لوجدنا خلفها إرادتَنَا الحُرة، التي تُسخِّرُ عقولَنا لتلبيةِ غاياتِنَا، ولو تعمقنا أكثرَ بتلك الإرادة، قد يتبادرُ لأذهانِنَا تساؤلاتٌ عن ماهيّتِهَا، وهل هي موجودةٌ في الزمن؟
ولكن حتى الزمن، يختلِفُ مفهومُهُ بين دَقّاتِ عَقَاربِ الساعةِ وبين دواخِنَا؛ فلحظاتُ الانتظارِ تدومُ أبدًا وتشعرُ فيها بأنّ الوقتَ يَجثِمُ فوق صدرِكَ دون أن يمضِي، بينما أنّكَ في لحظاتِ السعادة، تتفاجئ عندما تعرِفُ أنّ ذلك المقدارَ من الوقتِ قد مضى.
نحنُ نعيشُ في داخلِنَا بتدفُّقٍ مُستمر، وما يجعلُنَا نشعرُ بذلك الاختلاف؛ هو زمنُنَا الحقيقي؛ فانتباهُنا واهتمامُنا لأمرٍ منا، يمنحُنَا شعورًا بتوقفِ الزمنِ الداخلي، بينما أنَّ الزمنَ الخارجيَّ ماهو إلا زمنٌ مُزيفٌ يَجعلُ كُلَّ اللحظات مُتساوية، وهذا غيرُ صحيح!
كي نصِلَ لذُواتِنا الحقيقية؛ علينا أنْ ننفُضَ الغُبارَ عن أرواحِنَا الذي تراكَمَ عليها؛ بسبب العَلاقاتِ السطحيةِ والتواصُلِ الغيرِ فعّال مع مُحيطِنَا، وبسببِ زِحَامِ الحياة؛ فتجِدُنا نتقمصُ ذاتًا لا تُشبِهُنَا، نعيشُ فيها لنُسايِرَ المُجتمعَ والعائِلَةَ والأصحاب، ولكننا لن نتواصلَ معهُم من القلبِ إلى القلب، إلا إن اختلينا بأنفُسِنا، وحاولنا أن نتعرفَ على ذُواتِنَا بوجُوهِهَا الحقيقة، فنستقبلُ الإلهامَ والسلامَ الداخلي، ذلك الشعورُ العميقُ الذي تشعرُ بهِ في لحظاتِ التعبّد، أو لحظاتِ تَجرِبَةِ شيءٍ ما، يُضيفُ إليكَ خِبرة؛ فتحَسُّ بأنك اكتشفتَ سِرًا من أسرارِ الحياة.
الفكرة من كتاب لغزُ الموت
يأخُذُنا “مصطفى محمود” بأُسلوبِهِ البسيطِ الجذّاب في رحلة للتفكُّرِ بأحدِ أكبرِ الأشياءِ جَدَليّة، ألا وهو الموت، ويعرِضُ لنا حقائقَ قد تكونُ صادمةً عند التأمُّلِ فيها؛ مثلَ أننا نموتُ في كلِّ لحظة.
ثم ينتقلُ بنا للحديثِ عن أجسادِنا وحُدودِهَا، وعن الزمنِ واختلافِ مَفهومهِ باختلافِ وعيِنَا فيه، ثم يتحدثُ عن الإرادةِ والحُريّةِ، مُتسائلًا تساؤلاتٍ عَميقة، مثل: هل الإنسان مُسير أم مُخير؟، كما يتحدثُ عن النوم وعن التُرابِ وتركيبِه والكون، وكيف يتكونُ من عاملٍ واحد، يُعبِّرُ في مَضمونِهِ عن تجلى الله.
مؤلف كتاب لغزُ الموت
مصطفى محمود، طبيبٌ مُتخصص، وكاتبٌ وباحثٌ مُتفرغ، ألّفَ 89 كتابًا تنوعت بين العلم والفلسفة والدين والسياسة والأعمال الأدبية.
أسسَ مسجد “مصطفى محمود” في القاهرة، و”جمعية مسجد محمود”، التي تضم مستشفى ومركز للعيون ومراكز طبية أخرى، بالإضافة إلى متحف للجيولوجيا وآخر للأحياء المائية ومركز فلكي.