كيف جاءت العنصرية؟
كيف جاءت العنصرية؟
شرع الكاتب قبل الدخول في حياة بلال بن رباح (رضي الله عنه) أن ينظر إلى مسألة العنصر -الجنس- نظرة اجتماعية كونها إحدى أقدم مسائل الاجتماع التي عرفتها القبائل البدائية الأولى، ومن المعروف أن الناس عرفوا طابع التفاخر بما وُجِد فيهم ولم يوجد في غيرهم وإن لم يكن لهم يدٌ فيه، وعلى هذا انتشرت المفاخرة بالأنساب والأصول والعادات وحتى الأرض التي يسكنونها، فنرى المصري القديم الذي آمن بأنه الإنسان الكامل الذي صنع مفهوم الحضارة، ونرى اليوناني القديم يفتخر بفلسفته وعلومه، وكذلك العربي القديم الذي افتخر بمروءته وحسبه، وكذا فارس والهند والصين، ولا ننفكُّ نرى الأوروبيين يبالغون في هذا فيرون أنهم مُيِّزوا عن بقية أمم الدنيا بالتحضُّر والرقي واللون الأبيض!
وعلى هذا فقد ظلَّ أغلب تلك المفاخر لا يرجع إلى أي قياس منطقي أو موازنة علمية، وإنما هي أشبه بشيء من مفاخرات الصبيان كما شبَّهها الكاتب، فكلُّ جنسٍ يرى أنه أفضل الأجناس بلا سبب، فإما يجعلون تميزهم في شيء ليس لهم يدٌ فيه كاللون أو الأرض، وإما يجعلون تميزهم فيما وصل إليه الأجداد حتى لو اندثر في عصرهم ولم يبقَ للأجداد مكانٌ إلا المتاحف والقبور.
ولم تكن مسألة العنصر أمرًا ثانويًّا، وإنما كانت سببًا في حروبٍ كبرى دامت سنواتٍ وقرونًا، فالألمان الذين اهتم ساستهم بتلك المسألة ودعوى الآرية، واستغلُّوا ذلك في بناء قوَّتهم لخدمة المطامع الاستعمارية، ولم يكتفِ دعاة العنصرية بما وصلوا إليه، وإنما جعلوا أجناس البشر متمثلة في طبقات، وتتعاقب طبقة تحت طبقة حتى نصل إلى أدناها التي تلتقي بالقردة، ثم جعلوا قمة هذه الطبقات هي أجناسهم الأوروبية البيضاء.
الفكرة من كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
لكلِّ صحابيٍّ جليلٍ قصته في إسلامه التي جعلته رمزًا للمسلمين، لكن بلال (رضي الله عنه) كان أمره مختلفًا، ولعلَّ ما قد قوي به بعض الصحابة هو قبيلتهم التي لم تكن ترضى استباحة دمهم ولو تركوا الوثنية واتجهوا إلى الإسلام، لكن بلالًا لم يكن له أحد، بلى ولكن كان معه الواحد الأحد.
أراد العقاد أن يختلف هذا الكتاب عن سلسلة العبقريات، فخصَّصه لدراسة متعمِّقة في العنصرية وتاريخها وبشكل خاص الجنس الأسود “الزنجي”، وذلك قبل أن يبدأ في تاريخ هذا الصحابيِّ الجليل الذي صاحَبَ النبيَّ في كل خطوةٍ، وكانت آخر كلماته “غدًا نلقى الأحبة”.
مؤلف كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
عباس محمود العقاد: هو أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب بمصر، يُعتبر أحد أبرز كُتَّاب القرن العشرين في مصر، وأحد الموسوعيين الذين قرأوا في مختلف العلوم الإنسانية، كما أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مجالات متنوِّعة، ومن أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
هتلر في الميزان.
التفكير فريضة إسلامية.