كيف تُربي طفلًا رائعًا؟
كيف تُربي طفلًا رائعًا؟
أهم نصيحة للآباء لتطويع أطفالهم وتوجيههم بالود أن يدخلوا إلى عالم أبنائهم ويعيشوا معهم ذلك الجو الذي يعيشونه، ويجب مخاطبتهم باللغة التي يفهمونها ويألفونها، ويبتكرون في أساليب الترفيه مما يُشعر الأبناء بالتفوق الكبير عليهم حتى في عالمهم، فيستجيبوا لهم ويسهل على الآباء قيادهم، ثم عليهم أن يستغلوا هذه اللحظات من القرب ليوجهوا أبناءهم كيف يشاؤون ويزرعوا من المفاهيم والأفكار ما يريدون.
ويجب أن يتابع الآباء أولادهم أولًا بأول ويراقبوا سلوكهم (خُفية عنهم)، فإن في ذلك عونًا كبيرًا للآباء، فمراقبة الأطفال بشكل دائم والتعرُّف على سلوكهم (حتى في لحظات الصفاء) من أهم الأساليب التي تساعد على التربية والتوجيه وإصلاح الأخطاء قبل أن تستفحل ويصعب علاجها، وهي تمنح الأولاد ثقة بأن آباءهم على اطِّلاع دائم على ما يجري بينهم فتقل المشاجرات والأخطاء.
يتعلم الأطفال الصدق حين يصدُق معهم ذووهم، وصِدقُ الأهل معهم يدفعهم إلى الثقة والاطمئنان إليهم، إنهم أذكى مما نتصور، فهم سرعان ما يكشفون الكذب فيلجئون للأسلوب نفسه في تعاملهم مع الأهل ويكذبون، والكذب من أبشع الصفات لكنه من أسهلها اكتسابًا ومن أصعبها علاجًا، لذلك كان الجد الطنطاوي يتعامل مع هذه الآفة بأن يعدهم أن الصادق سيأمن العقوبة وسيكتفي بالتوجيه، لذلك فقد أمنوا العقوبة طامعين في العفو جزاء الصدق، حتى صار الصدق طبعًا من طباعهم، ثم صاروا بعد ذلك يصدقون ولو أيقنوا بالعقاب.
وكان الجد الطنطاوي يخبر أحفاده أن الصلاة أمر مهم وممتع، كما أخبرهم أن الحجاب قيد صعب، وكان يعترف بالجانب السلبي للأشياء ويعمد بعد ذلك إلى التشجيع بأساليبه المبتكرة العجيبة، فكان هذا هو منهجه في التعامل مع التكاليف والواجبات الدينية منها والدنيوية “كل المعالي ثقيلات على النفس”.
الفكرة من كتاب هكذا ربَّانا جدي علي الطنطاوي
تقول المؤلفة إن “التربية بالقدوة لا يعادلها تربية، أن يراك طفلك وقد طابقت أقوالك أفعالك، وصرت أنت المبادئ التي تحثُّهم على امتثالها، فلن يضيع الله ذريتك وأنت على الخُلق القويم تسير”.
سيجعلك هذا الكتاب ترى الشيخ علي الطنطاوي من منظور آخر غير الذي اعتدناه، فنحن نعرف على الطنطاوي الداعية والمفكر وعالم الإسلام الكبير، ولكننا لم نره في حُلة الجد العطوف والمُربي الداعم والموجِّه المبدع – الذي جمع بين أوامر الدين ومعاصرة الحياة – إلا هنا على لسان حفيدته، فقد كان لهم تجسيدًا صادقًا عما أرادهم أن يصيروه، ولم يترك موقفًا يمر دون أن يبذر فيهم بذرة خُلُق.
مؤلف كتاب هكذا ربَّانا جدي علي الطنطاوي
عابدة المؤيد العظم: مفكرة إسلامية وباحثة ومؤلفة في الفكر والتربية والفقه والقضايا الاجتماعية، حصلت على ماجستير في الشريعة والتخصص في الفكر الإسلامي عنوان الرسالة “أزمة الهوية” 2016، وهي أستاذة لمادة فقه العبادات وفقه الأسرة والاقتصاد الإسلامي والتربية الإسلامية، وتسعى لنشر الوعي الاجتماعي وإصلاح العلاقات والتربية وفهم المراحل العمرية المختلفة، وهذا ما يبرز في كتبها مثل: “هكذا يفكِّر الصغار”، و”المراهقة وهم أم حقيقة؟”، وكتاب “لئلا يتمرد أولادنا”.