كيف تكوّنت المدرسة؟ وما الدواعي السياسية والتاريخية لتكوينها؟
كيف تكوّنت المدرسة؟ وما الدواعي السياسية والتاريخية لتكوينها؟
لقد رأى الزعيم البروتستانتي مارتن لوثر كينج أنه يجب أن يكون التعليم العام مهمة رئيسية من مهام الكنيسة، وذلك لتجنُّب الانغلاق التفسيري الذي تفرضه الكنيسة الكاثوليكية، فلا يقتصر تفسير النصوص على القلة من الرهبان، ومما ساعد هتافه الجو العام في تلك الأيام من بداية الدعوة إلى الحرية، والانفلات من القديم.
وكانت الحرب بين فرنسا وبروسيا – سابقًا كانت دولة مستقلة وهي الآن مقاطعة ألمانية – من أهم المحطات التاريخية في تاريخ نشأة المدرسة، عندما انهزمت بروسيا في حربها مع فرنسا قرر قائد الجيش البروسي “شارنهورست” البدء بأسرع عملية تغيير لنظام الجيوش البروسية عن طريق تطبيق نظرية التعليم التي كان مهتمًّا بها، ففرض على المدنيين التدريب على الجنود.
وحين بحث الفيلسوف فيشته في أسباب الهزيمة أمام فرنسا، رأى أن نظام التعليم القديم يجعل المواطن البروسي يفكّر في نفسه ولا يفكّر في الدولة، فاتجه إلى نظام جديد يعتمد فيه على قولبة الألمان ليمضي الشباب نحو جيش قوي، وبالفعل حقق الجيش البروسي انتصارات ضد فرنسا، وبدأت الوفود في زيارة بروسيا لتضع يدها على الكيفية التي انتصرت بها هذه الدويلة الصغيرة على دولة عظمى كفرنسا، فأصبح نظام شارنهورست الإصلاحي عبارة عن أحد أهم العناصر لهذا الانتصار الباهر، ومن هنا تشجعت الدول على عسكرة التعليم والتطبيع مع النظام البروسي، ليتوسع في دول العالم.
وفي بداية القرن العشرين قدَّم البروفيسور الألماني جورج كرشنشتاينر، ورقة علمية لأكاديمية العلوم الملكية تحت عنوان “التعليم للتوطين”، وضَّح فيها أن التعليم ليس وظيفته إخراج عمال ماهرين فحسب، بل عليه أيضًا أن يخرج مواطنين مفيدين، وأن يكونوا على وعي أن مسألة الإخلاص لحكوماتهم هي مسألة أخلاقية لا يمكن التساهل بها، حيث يصبح العلم وسيلة وليس غاية، ولكن فكره لم يتم تطبيقه إلا بعد عدة سنوات، حينما ضغطت منظمة كارنيجي على الحكومة لتطبيق فكر كرشنشتاينر لتحويل الطلاب من عنصر بشري إلى ترس رأسمالي عامل.
الفكرة من كتاب خلف أسوار المدرسة
“إن المدارس لا تعلّم الطلاب فقط، بل ترفعهم”. بين يدينا يقدّم الكاتب المدخل التاريخي عن فكرة المدرسة، والدوافع الأولى وراء إنشائها، وأهم المشكلات التي تسببها المدرسة على الجانبين النفسي والمجتمعي، وطرق الحل.
مؤلف كتاب خلف أسوار المدرسة
عمَّار سليمان: باحث مصري في الشأن التربوي والفلسفي، ومدير تنفيذي لمركز براهين لدراسة الإلحاد ومعالجة النوازل العقدية.
من أهم كتبه ومؤلفاته: كتاب “خلف أسوار المدرسة”.