كيف تحتل الحياة الرقمية أيامنا؟
كيف تحتل الحياة الرقمية أيامنا؟
عند الحديث عن أهمية الملل والشرود الذهني فلا بد من الحديث عن نمط حياتنا اليومية وكيف أسهمت التكنولوجيا في جعْل أدمغتنا في وضع التأهب والتحفيز المستمر، إذ يلتهم تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وحده يوميًّا من ساعة إلى ساعتين ونصف من أوقاتنا، فضلًا عن الساعات التي يهدرها البعض في متابعة الأفلام أو الإدمان على الألعاب، إذ تشير دراسة أجريت في كلية ليمان في جامعة سيتي بنيويورك عام 2015 أن المارين في شوارع نيويورك نصفهم أو ما يقارب ذلك غير مدركين لما يدور حولهم بسبب انشغالهم بهواتفهم المحمولة.
حتى إن الأمر تجاوز مسألة الانشغال بهذه الأجهزة وبدأ في السنوات الأخيرة يأخذ طابعًا إدمانيًّا، ذلك لأن الناقل العصبي “الدوبامين” المسؤول عن تسجيل التجارب واللحظات الممتعة يحثُّنا دائمًا على تكرارها لكنه لا يفعل هذا مع المخدرات فقط، وإنما يفعل ذلك أيضًا مع جرعات المتع السريعة التي تطعمنا إياها وسائل التواصل، ما يجعل من مسألة انكبابنا عليها حالة تشبه في أعراضها حالات الإدمان.
غير أن هذا لا يؤثر فقط في إحساسنا بالسعادة والمتعة وحسب، فهو يلقي بظلاله كذلك على أفكارنا وآمالنا، وهذا هو في الحقيقة سبب خضوعنا وانصياعنا لهذه المخدرات التي تتسرب إلينا وندمنها على شكل نقرات سريعة وأزرار تفاعل.
إلا أن هذا الارتهان ضرره على الدماغ أشد مما نتوقع بكثير، إذ تشير العديد من الأبحاث إلى أن هناك ارتباطًا وطيدًا بين التوتر والإدمان على التكنولوجيا خصوصًا في ما يتعلق بطبيعة المحتوى الذي نتابعه، إذ ينبه عدد من الباحثين على أهمية الحذر من تفويض أمرنا كله للتكنولوجيا، وأن هذا التفويض لا يحل مشكلاتنا ولا يقلل من إمكانية وقوعها كما نظن، بل قد يؤثر في أدمغتنا سلبًا لأن الدماغ في هذه الحالة يشعر أنه ليس في حاجة إلى التدخُّل، وهذا ما قد يحبس نزعة الإبداع في عقولنا ويبعثر حركتها.
الفكرة من كتاب ملول وعبقري
أثَّر دخول التكنولوجيا والسوشيال ميديا في حياتنا بشكل كبير، فنحن نقع تحت قصف معلوماتي مستمر وحالة استهلاك مستنزفة وإجهاد عقلي متواصل، مما لا يتيح لهذه الكتلة الصغيرة المسماة بالدماغ قليلًا من الراحة أو الشرود، وهذا له نتائج وخيمة على المدى البعيد، إذ تشكِّل حالة الاستثارة الذهنية المتواصلة هذه تبلدًا فكريًّا وفقرًا إبداعيًّا، إضافة إلى التمركز حول نفس العادات والتقاليد اليومية التي تكسر عصا التجديد والابتكار.
وبناءً على ما تقدم تحدثت المؤلفة في هذا الكتاب عمَّا يسمى في علم النفس الإدراكي “الشرود الذهني”، وكيف يمكن للابتعاد عن الروتين الصاخب والملل أن يولِّدا أهم الأفكار إبداعًا وعبقرية.
مؤلف كتاب ملول وعبقري
“منوش زمردي”: صحفية ومضيفة بودكاست ومؤلفة، تركت في عام 2018 محطة “WNYC” لتأسيس شركتها الإعلامية الخاصة “Stable Genius Productions” مع زميلتها “جين بويانت”، وشهد عام 2020 بداية توثيق شركتهما في البودكاست.
وإضافةً إلى هذا الكتاب “ملول وعبقري” الذي أعادت به اكتشاف الجانب الرائع والمفقود للملل، فإن لها كتاب “شرارة: كيف تحرِّر دماغك من التكنولوجيا لإشعال إبداعك؟ – Spark: How to Free Your Brain from Technology to Ignite Your Creativity”.
معلومات عن المترجمة:
“فرح عمران”: مدوِّنة ومترجمة، ومن أعمالها:
الغريب.
أليس في بلاد العجائب.
فن النفوذ الصامت.
ماذا يعني أن تكون معلمًا؟