كيف بدأ مهد عصر النهضة والإصلاح الديني لعالم اليوم؟
كيف بدأ مهد عصر النهضة والإصلاح الديني لعالم اليوم؟
أتى عصر النهضة والإصلاح الديني ليستبدل الرؤية التي تضع “الرب” في مركز الكون، ويجعل “الإنسان الفرد” بدلًا منه بعيدًا عن هيمنة الكنيسة ورجالها، مقيمين حاجزًا فكريًّا بين العالمين القديم والحديث، وظهر مصطلح الدولة بمعنى السلطة الحكومية أو الكيان السياسي للأمة، وتطوَّرت الإدارة المدنية من أجل فرض الأمن والاستقرار، وصارت الدولة تمثل وحدة التعامل، وبدأت السلطة الدينية المتمثلة في الكنيسة تفقد سطوتها، وتطوَّرت علاقة الفرد بالسلطة السياسية، فصار ينتمي إلى الدولة –الإقليم– الأرض نفسها، بعدما كان ينتمي إلى صاحب الأرض ومالكها!
وشهدت المرحلة التالية ظهور نظريات العقد الاجتماعي التي حاولت التعامل مع “حالة الطبيعة”، فنظَّر هوبز لعقد اجتماعي يتفق فيه الجميع على وضع السلطة في قبضة الحاكم القوي، ويتنازلون عن حرياتهم مقابل أن يحفظ لهم الأمن بدلًا من حرب الكل ضد الكل، ورأى جون لوك أهمية وجود سلطة “ضرورية” مشروطة ومقيَّدة بحفظ حقوق الأفراد وحرياتهم، وأتى روسُّو بحل وسط بين كليهما -أي هوبز ولوك- فأسس مفهوم السيادة الشعبية، بدلًا من الأفراد، وتكتسب الحكومة شرعيتها من خلال خدمة الإرادة العامة وليس المصالح الفردية.
وأتت الثورة الفرنسية وأعقبها تطور الإحساس القومي لمواطني الدول الأوروبية، وتحولت الأخيرة من دول وارثية إلى دول قومية، أي صار لكل أمة إقليم جغرافي يشترك ساكنوه في الثقافة والتاريخ والإحساس بالمصير المشترك تحت لواء كيان سياسي يمثلهم، وإن أسهمت السيادة في تنظيم الكيانات السياسية، ووضع حدود معنوية ومادية بينها، فالقومية قد أعطت تبريرًا أخلاقيًّا لهذا التقسيم، ومع الوقت صار نموذج الدولة القومية هو النموذج المعترف به ليعبِّر عن الدول، وظهرت فكرة المواطنة لتجاوز أزمة انعدام التطابق أحيانًا بين الأمة أو العرق مع الدولة، فتأتي القومية المدنية لتتجاوز الاختلافات العرقية والتاريخية.
الفكرة من كتاب العلوم السياسية.. مقدمة أساسية
يقدم هذا الكتاب قراءة ناقدة متأملة -وأحيانًا ساخرة- لأهم قضايا العلوم السياسية بدءًا من الحديث عن تاريخ الفكر السياسي، ثم الدولة، وإبراز مكونات النظام السياسي الرسمية وغير الرسمية المتمثلة في السلطات العامة وأنماط الأنظمة السياسية، والأحزاب السياسية وجماعات الضغط ومؤسسات المجتمع المدني، وصولًا إلى الجوانب غير المادية في عالم كالثقافة السياسية والإعلام والرأي العام، والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية.
مؤلف كتاب العلوم السياسية.. مقدمة أساسية
مشاري حمد الرويح: كاتب، وأكاديمي كويتي يعمل أستاذًا مساعدًا في العلاقات الدولية بجامعة قطر، حصل على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة فلوريدا الدولية بالولايات المتحدة، ونال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة دورهام البريطانية.
صدر له من الكتب باللغة العربية: “مسارات السالكين في السياسة الدولية: حول الاستجابة الفكرية والوجدانية لمؤثرات البيئة الدولية”، و”العلوم السياسية: مقدمة أساسية”، وباللغة الإنجليزية States do not go to Heaven: Towards a Theory of Islamic agency in International Relations، وله عدة أوراق بحثية محكمة في دوريات عربية وغربية.