كيف بدأ الأمر؟
كيف بدأ الأمر؟
الاحتياج.. الرغبة في تلبية الاحتياجات هي ما تدفع المرء إلى سلوكياته سواء كانت احتياجات أوليَّة كالطعام والماء والمأوى، أم احتياجات إنسانيَّة كالبقاء والأمان والحب غير المشروط، وعدم تلبية تلك الاحتياجات في المراحل العمريَّة المُختلفة يترك أثرًا في السلوك في مرحلة البلوغ، فوفقًا للنموذج الذي وضعه عالم النفس Erik Erikson، يمر الفرد بثماني مراحل عمريَّة، تتكون في المراحل الخمس الأولى منها شخصية الطفل.
المرحلة الأولى تبدأ منذ الولادة حتى سن السنة والنصف، يحتاج فيها الطفل إلى مساعدة مُقدمي الرعاية في تلبية احتياجاته الأوليَّة، وأن يتقبلوا ضعفه وعجزه ليشعر بالثقة والأمان، والمرحلة الثانية تبدأ من سن السنة والنصف إلى سن الثلاث سنوات، يبدأ فيها الطفل الحركة والتعبير عن نفسه بكلمات بسيطة وإطعام نفسه، ويحتاج إلى التقويم من دون توبيخ شديد كيلا يشعر بالخزي والشك في ذاته، وليُصبح شخصًا مستقلًّا، والمرحلة الثالثة تبدأ من سن الثلاث سنوات حتى سن الست سنوات، تتطور فيها قدرة الطفل على فهم المشاعر والأفكار وتكوين علاقات، ويُصبح أكثر قُدرة على التحكم في حركاته، ويتولد لديه الشعور بالذنب، كما يُصبح متشوقًا لتحمل المسؤوليَّة، ويحتاج إلى التأنيب الصحي دون إهانة لتصبح لديه روح المبادرة بدلًا من الخوف المبالغ من الوقوع في الخطأ والتعبير عن الرأي.
أما في المرحلة الرابعة التي تمتد من سن الخمس سنوات إلى سن الحادية عشرة سنة، تتطور مهارته الفكريَّة والبدنيَّة والاجتماعيَّة، ويتعلم التفسير المنطقي والحقائق العلميَّة، وتظهر حاجته في المنافسة والإنجاز، ويحتاج إلى التشجيع لتجنُّب الشعور بالنقص، إذ يؤدي الإهمال والإساءات النفسيَّة كاللوم والمقارنات والتهكم إلى تعزيز الشعور بالنقص، وفي المرحلة الخامسة التي تمتد من سن الحادية عشرة سنة إلى سن الثماني عشرة سنة، يبدأ يبحث عن النضج وعن هويته وقيمته مما يجعله شديد الانفعال نفسيًّا وسلوكيًّا، فيحتاج إلى الحب والحنان والتشجيع بالرغم من الغضب والتمرد، كما يحتاج إلى قدوة حسنة يُعجب بها وتحترمه، لأن المراهق إذا فشل في الحصول على هويَّة يتبنى هويَّة سلبيَّة مُتطرفة في المستقبل.
الفكرة من كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
“تغافل لكي تستمر الحياة”..
“هكذا هي الحياة”..
“لا أحد سعيد”..
هذه عينة من المُثبطات التي تُستخدم للبقاء في العلاقات السامة، فالطبيعة البشريَّة تُفضل البقاء في منطقة الأمان الضيقة | comfort zone بدلًا من السعي إلى التغيير، وتنتظر أن تتغير الأوضاع وحدها دون تدخل، لكن كما وعد الله -عز وجل- في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، وأولى خطوات التغيير هي خطوة استكشاف البذور المُسرطنة التي غُرست في العقول منذ الطفولة، وكيف تحولت تلك البذور إلى أفكار وسلوكيات وأدوار مُشوهة جعلت من ذويها فريسة سهلة للإساءة والاستغلال.
مؤلف كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
علي موسى: كاتب وخبير العلاقات وتطوير الذات، حاصل على البكالوريوس في علوم الاتصال من كلية الإعلام جامعة القاهرة، ودبلومة الصحة النفسيَّة من جامعة عين شمس، وشهادات من غرفة التجارة الأمريكيَّة والاتحاد الدولي للمدربين في مجال التطوير والقيادة، بالإضافة إلى شهادات من الولايات المُتحدة الأمريكيَّة في مجال التدريب، قدم عديدًا من الاستشارات والمحاضرات في العلاقات الأسريَّة وتطوير الذات داخل مصر وخارجها، كما صدر له عدد من المؤلفات، منها:
كتاب GPS: كيف تعيش سعيدًا بعد الزواج.
اكتفيت: لا مزيد من الوجع – لا مزيد من الخذلان.
الزم حدودك: روشتة واقعية للتعافي من العلاقات المؤذية.