كيف الخروج من الرأسمالية؟
كيف الخروج من الرأسمالية؟
هناك مشكلتان أساسيتان يشير إليهما كيمف: الأولى هي التفاوت الاجتماعي الكبير بين الأثرياء والفقراء والذي يزداد يومًا بعد يوم، والثانية هي الأزمة البيئية وتجلياتها المؤثرة في المجال الحيوي، وسبب المشكلتين واحد وهو الرأسمالية بتركيزها على الاستهلاك والربح، لذلك يحاول كيمف تقديم تصور بديل من أجل الخروج من الرأسمالية.
ولأن الرأسمالية تزدهر في بيئة تعزِّز من قيمة الفردية على حساب ما هو جمعي، فإن أي حلٍّ يركز على الأفراد لا يُعوَّل عليه، لذلك فالحلول البيئية التي تقف عند مستوى الفرد وتنادي الفرد بتغيير سلوكه دون الالتفات إلى الحلول التي تستدعي مشاركة الجماعة ككل لن توصلنا إلى شيء ولن تُخرجنا من دائرة الرأسمالية.
وإذا كان كيمف يرفض الرأسمالية ويرى وجوب الخروج منها، إلا أنه لا يرى وجوب الخروج من اقتصاد السوق، فهو يريد اقتصادًا لا يكون محوره مبدأ التراكم الفردي للموارد وإنما اقتصادًا يقف عند حدود الملكيات العامة الأساسية، وهذا يمكن أن يحدث عندما يتم تنظيم الاقتصاد بحسب مؤشرات أخرى غير الناتج القومي، وبالتالي سيؤدي إلى مسؤولية جماعية عن مجالات الملكيات العامة التي يصعب إدارتها من خلال المبادرة الفردية فقط، وعلى كلٍّ فمن المهم تحجيم المكان المتفرِّد الذي يحظى به الاقتصاد والسوق في عالم اليوم، وتوجيه الاهتمام إلى تنظيم العلاقات الإنسانية من أجل إحداث التفاهم بينها، وهذا سيستغرق كثيرًا من الوقت لأن الوعي السياسي لم يعد يتصوَّر العلاقات الاجتماعية بعيدًا عن السوق،
كما يرى ضرورة فرض ضرائب على الأغنياء، فليست المشكلة في وجود ناس أثرياء جدًّا، لكن المشكلة تكمن في التفاوت الرهيب بينهم وبين الفقراء، فهناك من الأثرياء مَن يكسب أكثر من الآخرين مائة مرة أو مائتين! في هذه الحالة يكون فرض ضريبة على الدخول الأعلى ضروريًّا من أجل تحقيق العدالة والانسجام الاجتماعي.
هذا على مستوى المجتمع، أما على المستوى الدولي والأممي فيدعو المؤلفُ الأممَ إلى تحقيق التعاون ونبذ التنافس لأنه لن يكون هناك رابح وخاسر في ظل وجود الأزمة البيئية، بل سيكون الكل خاسرًا.
الفكرة من كتاب الخروج من الرأسمالية
يحاول هيرفي كيمف في كتابه “الخروج من الرأسمالية” أن يلقي الضوء على الآثار السلبية للرأسمالية، وأهم هذه الآثار: المخاطر البيئية التي أصبحت تهدِّد حياة الإنسان على الأرض، ومن هنا يقوم كيمف باستعراض ملامح الحياة في ظل الرأسمالية، ويركِّز بصفة خاصة على فكرة الفردية التي تعتمد الرأسمالية عليها وتزدهر من خلال تعميقها، كما يقوم كيمف بمناقشة الأسباب التي أسهمت في تدهور البيئة والمجال الحيوي، وبعد ذلك يتحدث كيمف عن أهمية الخروج من الرأسمالية من أجل إنقاذ الكوكب، ويقدِّم تصوُّره عن الحل الذي يعتمد على إعادة بناء المجتمع بحيث لا يكون الاقتصاد حاكمًا، بل مجرد أداة، كما يكون التعاون هو الأساس لا المنافسة.
مؤلف كتاب الخروج من الرأسمالية
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسؤولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “كيف يدمر الأثرياء الكوكب”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، وله العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفلسفة والفكر العربي المعاصر، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.