كوكب من الديون
كوكب من الديون
ما إن تخلى العالم عن التعامل وفق قاعدة الذهب حتى كُسِر بذلك قُفل باب الشرور المالية التي اجتاحت دول العالم بلا استثناء، لا سيما مع جنون أسواق المال وجنوح المصارف المركزية إلى فوضى طبع النقود بلا رقيب لتتسبَّب بذلك في تلقي العالم صفعات تضخُّمية ألهبت النظام المالي برمَّته، وبسبب إفلات عقال السيطرة على الائتمان تضخَّمت الديون بشكل يحاكي كثيرًا كرة الثلج.
وكإطلالة بسيطة على عمق الأزمة يكفي أن نعلم أن ما بين عامي 2008 – 2013 انهار ما يقرب من 500 مصرف، وتعثَّرت كيانات عملاقة كجنرال موتورز وفورد عمالقة صناعة السيارات الأمريكية بالإضافة إلى شركة AIG والتي تعد أكبر شركة تأمين في العالم، كما تم تمرير حزمة إنقاذ أولية بلغت 700 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة فقط، أما على المستوى العالمي فبلغ الإنفاق قرابة عشرة تريليونات دولار خلال نفس الفترة، أي أن السحر الذي كانت تمارسه المصارف طيلة الحقب الزمنية السابقة لخلق الائتمان انقلب عليها وعلى الاقتصاد العالمي في النهاية!
ونتيجة لانكماش حجم التجارة الدولية لجأت دول العالم إلى دخول مصيدة الديون، حيث ارتفعت الديون السيادية كمحاولة لسد العجز المالي الذي ساد معظم ميزانيات الدول، فعلى سبيل المثال: زاد الدين الأمريكي من ثمانية تريليونات دولار عام 2008 إلى نحو 17 تريليون دولار خلال عام 2013، أي خلال خمس سنوات فقط من الأزمة! ونتيجة لذلك ترنَّحت معظم عملات العالم واضطربت أسواق المال وتصاعد الحديث حول البحث عن نظام مالي جديد، وما إن بدأ الاقتصاد العالمي يلتقط أنفاسه حتى اصطدم بجائحة فيروس كورونا –كوفيد19- فلجأت الحكومات مجددًا إلى مصيدة الديون، ومن هنا توقع البعض أزمة مالية وشيكة بسبب كل تلك الديون المتراكمة، فالعازف لن يستمر طويلًا في عزف مقطوعته إذا انقطع الوتر!
الفكرة من كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
اللعبة ستنتهي يومًا ما، الكل يعلم تلك الحقيقة مسبقًا ولكن مع ذلك يستمرون في اللعب! فالأوراق البنكية التي نتعامل بها اليوم بيعًا وشراءً ليست من المال في شيء، فما هي إلا مجرد لعبة تم إجبار العالم على اللعب وفقًا لقواعدها، ومما ساعد على استمرارها حتى وقت قراءتك لتلك الكلمات هو أن فئة قليلة من المهتمين بالشأن المالي هم من يعرفون الحقيقة، ولكي تعرف ما أرمي إليه بعد تلك المقدمة فهيا لأحكي لك الحكاية من بدايتها.
مؤلف كتاب الانهيار الكبير: حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي
ويليم ميدلكوب : هو رجل أعمال ومعلِّق سابق في سوق الأوراق المالية، وُلِد في أغسطس عام 1962م في سويسرا لأبوين هولنديين، وتعلَّم صناعة الملابس في أمستردام وعمل بين عامي 1980 و2000 مصورًا صحفيًّا، وبين عامي 1998 و2000 كان رئيس تحرير الصور في جريدة محلية، بالإضافة إلى ذلك عمل ميدلكوب لفترة وجيزة كمراسل في عام 1991 أثناء بدء قناة مدينة أمستردام AT5، وبدأ بعد ذلك رحلة استثمار في العقارات، كما أسَّس متجرًا للراغبين بالاستثمار في الذهب، وهو أيضًا عضو المجلس الاستشاري لمركز الأبحاث الاقتصادي بلندن.
له العديد من المؤلفات، ومنها: “عندما ينخفض الدولار”، و”أزمة النفط الدائمة”، و”النجاة من أزمة الائتمان”.
معلومات عن المترجم:
ابتسام محمد الخضراء: قامت بترجمة العديد من الأعمال، ومنها “الانهيار الكبير”، و”السعادة: مقدمة مختصرة جدًّا”، و”السببية: مقدمة شديدة الاختصار”.