كل تلك المشاعر الجياشة لم تكن حبًّا
كل تلك المشاعر الجياشة لم تكن حبًّا
تعرض النرجسي خلال نشأته وتكوين شخصيته لخبرات ساهمت في اضطرابه، فقد يكون أحد والديه نرجسيًّا، مما يعني تعرضه للنقد والإيذاء وعدم إشباع احتياجاته ومطالبته بتحقيق المثالية، فنتج عن ذلك كرهه لنفسه وانفصاله عنها وتكوينه ذاتًا أخرى مزيفة، ليُرضي والده وينجو من النقد والرفض، وقد يكون تعرض للإهمال الشديد في طفولته، وربما حدث العكس؛ زاد إعجاب والديه به ومنحاه حقوقًا أكثر من أقرانه، وأفرطا في إطراء شخصه أكثر من أدائه، وربما تعرض لصدمة في طفولته أو عاش في مستوى مادي واجتماعي منخفض ثم أصبح غنيًّا ومهمًّا فيما بعد.
إن المشاعر المتبادلة بين النرجسي وضحيته ليست حبًّا، فقد كانت علاقة النرجسي بشريكه استغلالًا له، وعلاقة شريكه به تعلقًا مَرَضيًّا واحتياجًا للاهتمام والتقبل، إذ إن شركاء النرجسيين تعرضوا غالبًا لصدمات في الطفولة ولم يتعافوا منها، لذلك لم يرحلوا رغم الإساءة والإيذاء.
في النهاية لن تخرج من علاقتك مع النرجسي خاليَ الوفاض، فبعد التحرر من تلك العلاقة سيصبح من السهل عليك التمييز بين الأشخاص المزيفين والحقيقيين، وستكتشف الشخصية النرجسية على الفور، ولن يصبح من السهل أن يُقَيِّدك أحدهم أو يتحكم فيك، وستصبح شخصًا يجعل اهتمامه بنفسه أولوية، ولا يعتمد على الآخرين، وستتحرر من قيود الخوف والترقب، لتضع نهاية تبدأ بعدها من جديد.
الفكرة من كتاب دليل التعافي: كل ما تحتاج معرفته حول الشخصية النرجسية وإعادة بناء احترام الذات
في حين أن العلاقة مع شخص ما قد تزيدنا سعادة وحبًّا لأنفسنا وتهون علينا صعوبات الحياة، قد تجعلنا علاقة أخرى مرتبكين وقلقين ويملؤنا الشعور بالذنب، وتقلل من احترامنا لذواتنا، فنظل في حيرة بين البقاء والرحيل، ويتحول الحب إلى معاناة، عندها قد يكون الطرف الآخر في العلاقة نرجسيًّا، فما الشخصية النرجسية؟ ولماذا يتكرر الاختيار الخاطئ للأشخاص؟ وهل وقوع أحدهم ضحية لنرجسي محض مصادفة؟ هذا ما سنتعرف عليه.
مؤلف كتاب دليل التعافي: كل ما تحتاج معرفته حول الشخصية النرجسية وإعادة بناء احترام الذات
ميرنا المصري: كاتبة لبنانية، ومدربة حياتية، ومدربة في البرمجة اللغوية العصبية واختصاصية علاقات عاطفية، تخصصت في دراستها في الرياضيات، وحصلت على درجة الماجستير من الجامعة اللبنانية، ثم أكملت الدراسات العليا في الوكالة الجامعية الفرنكوفونية في بيروت وجامعة ليون في فرنسا لتضيف إلى شهاداتها درجتي ماجستير، ثم تحولت لدراسة التنمية البشرية وحصلت على إجازة اختصاصية علاقات، وتكتب مقالًا شهريًّا في العلاقات العاطفية في مجلة «noujoum» ولها كتاب آخر بعنوان «ounsa لا تنسى».