كرة القدم من المساحات الخضراء إلى المدارس الصناعية
كرة القدم من المساحات الخضراء إلى المدارس الصناعية
ارتبطت كرة القدم الشعبية بطبقات القَرويين وأصحاب المهن الصغيرة ببريطانيا في الفترة بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر، ومثلت مساحة للاندماج بين الأفراد والتعبير عن الهويات المختلفة وسط أجواء تنافسية مشتعلة، تصل أحيانًا إلى تبادل اللكمات والإهانات بين أصحاب القرى المختلفة، وامتدت من الريف إلى المدينة فأُغرم بها السادة، مع تهديدها مكانتهم المرموقة بسبب ما تحدثه من تحفيز الأفراد على التمرد، ولكن الأمر بلغ أقصاه بتصاعد العنف في أنحاء بريطانيا فتعددت مَرسومات منع ممارسة كرة القدم الشعبية، ولكن الأنشطة لم تتأثر كثيرًا.
أثّر خروج الحياة العامة من تحت سيطرة الكنيسة في كرة القدم الشعبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، فصاحب اختفاء الطبقة الإقطاعية صعود برجوازية التجار الذين دأبوا يخصصون ويقسمون الأراضي الزراعية، فارتفعت السياجات الفاصلة بين المساحات الخضراء، معلنةً موت كرة القدم الشعبية وبداية كرة قدم بقواعد معينة وفي مساحات محددة وتحت إشراف السلطة.
وفي نهاية القرن الثامن عشر ومع بداية الثورة الصناعية، ولدت كرة القدم الصناعية لازدياد الحاجة إلى إعداد أجيال مدربة ومطيعة للنهوض بالاقتصاد البريطاني، ففرضت المدارس نظام تعليم جديدًا صارمًا، ودمجت الألعاب البدنية في عملية التدريس، ورأت السلطات في ممارسة كرة قدم وسيلة لتعليم الفضائل التربوية كالشرف والنزاهة والتعاون، وأيضًا لإلهاء الطلاب عن التمرد، وأُسِّسَ أول نادٍ بريطاني وهو شيفليد عام 1857م، وتعددت بعدها أندية المدارس، وبدأت عدة محاولات لتبسيط قواعد كرة القدم وتوحيد قواعد اللعب، الأمر الذي تحقق بإصدار قواعد كامبريدج.
الفكرة من كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
يصف عشاق الساحرة المستديرة محبوبتهم بأنها أكثر من كرة قدم، ودائمًا ما يُستخف برأيهم وبمقدار الاهتمام الذي يولونه تجاه جلد مدور، طارحين السؤال التقليدي “ماذا قدمت كرة القدم إلى العالم؟”.
وللإجابة عن هذا السؤال سنجوب حكايات التاريخ المختلفة، من بريطانيا إلى إيطاليا وحتى مصر، لنرى كيف كانت كرة القدم تمنح الناس هامشًا للتنفس بحرية تحت حكم ديكتاتوريات عسكرية، ونعرف ماذا يمكن أن تفعل الجماهير العاجزة في المدرجات، وإلى أي حد كانت كرة القدم تسمح لهم بالحلم بحياة أفضل.
مؤلف كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
ميكائيل كوريا: صحفي في أهم جريدة رقمية فرنسية مستقلة “ميديا بارت mediapart”، وله عديد من الإسهامات الصحفية مع جرائد أخرى مهمة مثل: “لوموند ديبلوماتيك” و”لوكانار أونشينيه”، بالإضافة إلى كونه أحد مؤسسي مجلة النقد الاجتماعي CQFD، ومن كتبه:
– جرائم المناخ: تحقيق حول الشركات متعددة الجنسية التي تحرق كوكبنا.
معلومات عن المترجم:
محمد عبد الفتاح السباعي: رئيس قسم الشؤون الخارجية بجريدة الأخبار اليومية، كما أنه يعمل مترجمًا فوريًّا في عديد من القنوات الرياضية المصرية، وقد عمل مراسلًا رياضيًّا في كأس الأمم الإفريقية عام 2008م، ومن كتبه المترجمة من الفرنسية إلى العربية:
لوثر ومحمد: بروتستانتية أوروبا الغربية في مواجهة الإسلام من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر.
عنف وسياسة في الشرق الأوسط، من سايكس بيكو إلى الربيع العربي.