كرات زجاجية وروبوتات
كرات زجاجية وروبوتات
على الرغم من الإنتاج المعرفي الضخم الخاص بالدراسات المستقبلية في العقود الماضية فثمة أوساط أكاديمية ومهنية لديها تصوُّرات خاطئة عن هذا الحقل، بسبب أن أبحاث المستقبليات لا تُنشر إلا نادرًا في الدوريات العلمية، وأن بعض المستقبليين يطغى عليهم الجانب الأيديولوجي.
على صعيد آخر تظهر أحيانًا وسائل الإعلام أن دراسات المستقبل ما هي إلا تخمين لا أساس له، واصفةً روَّاد الحقل أنهم مستطلعو كرات زجاجية كما كانت تُظهِر الأفلام القديمة، وأن المستقبليين منهمكون في التكنولوجيا الفائقة والخيال العلمي وصناعة الروبوتات، وتشير الكاتبة إلى أن الكرات الزجاجية استخدمت للتعبير عن حقل الدراسات المستقبلية في مجلة تارة وفي حدث أقيم بباريس تارة أخرى.
وكثيرًا ما حلم الإنسان الذي يمشي على الأرض أن يرى نفسه محلِّقًا في الجو كما تفعل الطيور، وقد أبدع فنانون مثل روجر بيكون في القرن الثالث عشر الميلادي وليوناردو دافنشي في القرن الخامس عشر رسومات لما يشبه الطائرة المروحية اليوم، ولم تتوقَّف طموحات البشر وأحلامهم في التحليق جوًّا، ولعل السيارة الطائرة المخصَّصة للاستعمال الشخصي التي أنتجتها شركة آيروموبيل السلوفاكية ليست آخر ما سيخترعه البشر.
أما الإنسان الآلي (الروبوت) فهو مظهر آخر من مظاهر تحقُّق ما تخيَّله البشر في الماضي إلى حقيقة واقعة، الآن تغلغل الروبوت في الصناعات المختلفة، وصار بديلًا للجندي في المعركة، ففي أواخر عام 2008 باتت الولايات المتحدة تملك نحو12000 روبوت عسكري، وفي المقابل تعالت أصوات تحذِّر من التمدُّد البشري الزائد في التكنولوجيا، فكل تمدُّد تكنولوجي يقابله انتقاص من قدرات البشر، فلم يعد أحد يحتفط في ذاكرته بأرقام هواتف زملائه ما دامت ذاكرة الهاتف المحمول تكفَّلت بذلك، وكثيرون نسوا استطاعتهم السير على الأقدام لمسافات طويلة ما دامت السيارات موجودة!
الفكرة من كتاب المستقبل: مقدِّمة وجيزة
تتعالى الأصوات بين الحين والآخر محذِّرة من الأخطار التي يحملها المستقبل كأزمات المناخ وتناقص مصادر الطاقة، إلا أن ثمة رأيًا آخر يرى أن المستقبل المظلم ليس حتميًّا، وأن الإنسان لديه قدرة على التدخُّل بطريقة إيجابية في الحاضر، مما يجعله يتلافى كوارث المستقبل!
يهدف هذا الكتاب إلى إبراز الأبعاد المختلفة لحقل الدراسات المستقبلية، الذي يعدُّ حقلًا أكاديميًّا عابرًا للتخصُّصات، فوعي الإنسان بأهمية استشراف ما سيحدث في المستقبل أدَّى إلى ظهور مقاربات متعدِّدة ومتنوِّعة يسهم فيها آلاف الأساتذة والباحثين والممارسين والطلاب من ثقافات شتى.
مؤلفة كتاب المستقبل: مقدِّمة وجيزة
جنيفر جيدلي: باحثة أسترالية في الدراسات المستقبلية وعلم النفس، وهي أستاذ مساعد في معهد المستقبليات المستدامة في سيدني، ورئيسة الاتحاد العالمي لدراسات المستقبليات.
صدر لها كتب عدة منها: “التعليم ما بعد الرسمي: فلسفة من أجل مستقبليات معقَّدة” و”سر نمو الأطفال المتفوقين”.