كالعظام المكسورة
كالعظام المكسورة
كما يُقال الفقد سنة من سنن الحياة، تختلف أشكاله من فقد محبوب لحبيبه، أو فقد الشخص لعضو من أعضائه، أو تعرض المرء للإرهاب والاحتلال فيفقد وطنه أو هويته، فكل هذا تأثيره في الفرد يكون مدمرًا، حيث يتغير مسار حياته الطبيعي، ويُعاني جراحًا نفسية حادة، حيث يحتاج إلى إعادة ترتيب حياته بنمط معين، حتى يحدث الشفاء.
وبالفعل هناك بعض تجارب الفقد عواقبها تكون قوية جدًّا، ويحتاج صاحبها إلى تدخل اختصاصي الصحة النفسية، وإلا ستزداد الأمور سوءًا، لكن يتناول هنا الكاتب خبرات الفقد التي يواجهها المرء يوميًّا، ولا تسبِّب ضررًا نفسيًّا أو عاطفيًّا حادًّا، كفقد المرء مثلًا لوظيفته، أو عندما يتوفى جده، فيدخل المرء في حالة حزن مؤقت، ثم سرعان ما يعود إلى طبيعته من الصحة النفسية، وأيضًا تختلف نتائج هذه الحالات من فرد إلى آخر، فمثلًا إذا كان الجد هو من قام بتربية الشخص، فالألم هنا قد يتضاعف، وعلى الرغم أيضًا من هذا الاختلاف الفردي، فإن الجميع يواجه نفس التحديات عندما يبدأ عملية الشفاء.
بالإضافة إلى الحزن الشديد الناجم عن عملية الفقد، فإن الفقد يسبب ثلاثة جراح أو تحديات نفسية، الأول: تتوقف الحياة بشكل مؤقت في أيام الألم الأولى، لدرجة فقدان المرء القدرة على التفكير بطريقة صحيحة، أو حتى أداء بعض الوظائف الأساسية، كتناول الطعام والاستحمام، ومع كل موقف يذكِّره بعدم وجود المفقود يستغرق في ألمه أكثر، ويُخيَّل للفاقد وقتها أن مشاعره أقوى وأشد ممن يعاني الاكتئاب المرضي الحاد، لكن الحقيقة كل ذلك يلزمه مرور بعض الوقت، فأشد مراحل الحزن تحتاج إلى ستة أشهر لتجاوزها.
والتحدي الثاني هو اضطراب هوية المرء وتقديره لذاته بعد تعرُّضه للفقد، فمثلًا ربما كان المرء يعرف ذاته من قبل من خلال عمله، بينما فقده، فكيف سيعرف نفسه إذن؟ وفي مثل هذه المواقف يحتاج صاحبها فقط إلى الوقت لإعادة اكتشاف ذاته، والبحث عن أشياء أخرى لها معنى في حياته، أما التحدي الثالث فقد يُعاني الفاقد صعوبة في التواصل مع من بقي له، حيث يختار الانسحاب إلى داخل نفسه، ويصبح عالقًا مع من فقد.
الفكرة من كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
الجميع معرض للإصابة بجروح نفسية تمامًا كما يصابون بجروح جسدية، فالفشل والشعور بالذنب والوحدة كلها جزء من الحياة نفسها، وبما أن الجرح الملوث يحتاج إلى تطهيره، فأيضًا هذه الخدوش النفسية بحاجة إلى إسعافات أولية للأسف غير موجودة على الإطلاق، مما زاد من أثر خطورة مشاعر كانت في البداية طفيفة جدًّا، لكن نتيجة لتجاهلها، ازداد الأمر سوءًا.
وفي هذا الكتاب يحاول الكاتب وصف بعض الجراح النفسية الشائعة اليومية، كالرفض والفقد، ويقدم أيضًا بعض الأساليب المتعددة للأسعافات الأولية التي يمكن أن يطبِّقها المرء، لكي يُلطِّف من ألمه النفسي.
مؤلف كتاب الإسعافات العاطفية الأولية
د. جاي وينش Guy Winch: طبيب نفساني، ومتحدث، ومؤلف، حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي من جامعة نيويورك عام 1991 ولديه ممارسة خاصة في مانهاتن، يكتب مدونة The Squeaky Wheel لموقع PsychologyToday.com، له العديد من المؤلفات، ومنها:
كيف تعافي قلبًا محطمًا؟!
The Squeaky Wheel