قَبول الذات والسعادة
قَبول الذات والسعادة
نحن نكبر برسائلنا وتصوراتنا التي تكوَّنت في الصغر عن الناس والنفس والعالم ونخشى أن نقربها، فنبقي على أمور الماضي كما هي.. نبقي على الأفكار كما هي وبخاصةٍ الأفكار والصور التي كوَّناها عن ذواتنا وعن أنفسنا مهما اشتملت على أغلاط. نخشى ولوج هذا الباب لكن إذا كان المرء منا يريد أن ينمو فعليه أن يتحرَّر ويتقبَّل التخلِّي عن بعض أفكار الماضي.
ففي النهاية أنت لست منتجًا بسيطًا لتجارِب الماضي، بل أنت منتج ما تصنعه وتفعله بهذه التجارب، فوقوعك ضحية لأفكار وتشوُّهات عندما كنت طفلًا ليس أمرًا إراديًّا، لكن الاستمرار في أن تكون ضحية بالغة هو أمر إرادي.
لذا يجب عليك أن تقدِّر ذاتك وتقبلها بما هي عليه إذا كنت تريد أن تعيش بسعادة حقًّا، وهذا لا يعني أن تركن للدعة والخمول والاستسلام للواقع، بل المقصد هو قَبول الذات والانفتاح على ما بها من ضعف حتى لا تكون في صراع دائم وشقاء.
ومن العلامات المهمة كذلك في قبولك لذاتك هي إمكانية انفتاحك على الآخرين والثقةُ بهم والتقربُ منهم وقبول حبهم، إذ بقدر ما تتمكَّن من قبول ذاتك تتسع نظرتك لقبول الآخرين ولحبك إياهم؛ فالإنسان إن قبل ذاته حقًّا، فلن يحسَّ بغرابة إذا أحبه الآخرون، بل إنه سيتقبَّل حبهم بفرح وامتنان ولن يجد نفسه أبدًا في صراع مع صوتٍ في عمق ذاته يقول: لو عرفتني حقًّا ما أحببتني!
الفكرة من كتاب السعادة تنبع من الداخل
هل السعادة حقًّا في متناول الجميع -كما يقولون- وأن علينا أن نبحث عنها في داخلنا وليس في الخارج، وهل على كلٍّّ منَّا أن يتحمَّل المسؤولية كاملة عن تحقيق سعادته، لذا عندما نبحث عن سعادتنا من خلال الآخرين أو الأشياء نكون في توجُّه خاطئ، فالسعادة التي تستمرُّ لا بدَّ أن تنبع من الداخل؟! أم أنها ليست هدفًا بحدِّ ذاتها، بل هي نتيجة لأمور أخرى نسعى إليها؟
في هذا الكتاب يوضح المؤلف مفهوم السعادة والأسبابَ الكامنة وراء منغِصات الحياة، منتقلًا إلى الحديث عن الإنسان الذي يختبر السعادة في حياته، وما السبيل إلى ذلك.
مؤلف كتاب السعادة تنبع من الداخل
جان باول اليسوعي: كاتب ألماني واسمه الحقيقي يوهان باول فريدريش ريشتر، ولد عام 1763 في فونزيدل، كان ابنًا لأحد المدرسين وعاش في ظروف شديدة الفقر، وتُوفِّي والده مبكرًا، وكان من المفترض أن يدرس جان باول علم اللاهوت في لايبزغ، إلا أنه اتجه إلى الكتابة والتأليف، وبعد فترة إعداد طويلة ورفض دور النشر لأعماله، كتب جان باول أعمالًا جعلته مشهورًا لسنوات قليلة، وأهمها: “سر البقاء في الحب”، و”لماذ أخشى أن أقول لك من أنا”، و”حب بلا شروط”.
وعندما كتب أحب أعماله إلى قلبه “تيتان.. سنوات المراهقة” لم يجد نجاحًا يُذكر، فاعتزل الحياة وعاش على هامشها إلى أن تُوفِّي في الثانية والستين من عمره في عام 1825 في بايرويت.