قيام الليل وقراءة القرآن
قيام الليل وقراءة القرآن
إن قراءة القرآن في الصلاة من أهم مفاتيح تدبُّر القرآن، فقد قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾، فدلت الآية على أن التهجد بالقرآن طريق للوصول إلى المقامات العالية في الآخرة، ولو لم يكن في القراءة داخل الصلاة إلا الانقطاع عن الشواغل والملهيات لكفى، فإن المصلي إذا دخل في الصلاة حرِّم عليه الكلام والالتفات والحركة من غير حاجة، فهذا أعون على التدبر والتفكر وجمع القلب، وأيضًا فإن من حوله لا يقاطعه ولا يشغله ما دام في صلاته.
إن وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكر؛ فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء، وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي وفتح أبواب السماء، فأي أمر تريد تثبيته في الذاكرة بحيث تتذكَّره خلال النهار فقم بمراجعته في هذا الوقت، ومما يدل على كون القراءة في الليل أحد مفاتح التدبر قول الله عز وجل: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾.
إن القراءة للقلب مثل الماء للنبات، فالسقي لا يكون في حر الشمس فإن هذا يضعف أثره خصوصًا مع قلة الماء فإنه يتبخر، وكذلك قراءة القرآن إذا كانت قليلة وكانت في النهار وقت الضجيج والشواغل فإن ما يرد على القلب من المعاني يتبخر ولا يؤثر فيه وهذا يجيب عن تساؤل البعض إذ يقول إني أكثر قراءة القرآن، لكن لا أتأثر به فلما تسأله متى تقرأ القرآن؟ تبين أن كل قراءته في النهار وفي وقت الضجيج وبشيء من المكابدة لحصول التركيز فكيف سيتأثر؟
الفكرة من كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ وكلام الله (عز وجل) حقٌّ مُبين، وحين نتأمل حولنا نجد الحفَّاظ الكُثر، ونجد المُصحف في كل البيوت، لكن أخلاق القرآن لم تعد بيننا، والقوة الإيمانية التي اكتسبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته لا نملك ولو مقدارًا بسيطًا يسيرًا منها، فلماذا إذًا هذه النتيجة؟
في الحقيقة كان تعاملنا مع القرآن غير الذي أُنزل من أجله، فانصبَّ اهتمامنا على حروفه دون فهم معانيه واكتسابها، دون أن نتدبَّر آياته، وإن التدبُّر لهو الغاية التي أُنزِل من أجلها القرآن، ومن هنا ينطلق الكاتب في تعريف التدبر والوسائل المعينة عليه، وكيف نُحب القرآن ونكتسب معانيه؟ حتى نرتقي بالإيمان ونكون أهلًا للنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
مؤلف كتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة
خالد بن عبد الكريم اللاحم: كاتب وأستاذ علوم القرآن المساعد بجامعة الإمام، وعضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، له عدَّة مؤلفات ضمن مشروع بعنوان “خطوات التربية على الحياة”، ومن تلك الكُتب:
الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان.
مفاتح إقامة الصلاة وإخلاص العبودية لله.
القراءة بقلب قلب النجاح في الحياة، وغيرها.