قيامة العرب
قيامة العرب
قدَّر الله أن يُنشأ العرب نشأة أخرى يحيا بها العالم، إذ بعث النبي محمدًا (صلى الله عليه وسلم)، والذي كان مولده في عام الفيل؛ تلك الحادثة التي حمى الله فيها البيت العتيق من فرض جيش الحبشة للنصرانية على جزيرة العرب، فأرسل على أبرهة وجيشه طيرًا أبابيل وردَّ الله عن مكة ذلك المصاب الجلل، ونجد للدكتور طه حسين رفضًا قاطعًا لكل التأويلات البعيدة لسورة الفيل في القرآن إذ يقول: “وما أحبُّ أن أعرض لتأويل هذه الطير الأبابيل.. لأني أوثر دائمًا أن أقبل النص وأفهمه كما قبله وفهمه المسلمون الأولون حين تلاه عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم)”.
ونشأ محمد (صلى الله عليه وسلم) يتيم الأب، ثم الأم من بعده وكفله جده عبد المطلب، ثم مات عنه فكفله عمه أبو طالب، وعمل في رعي الغنم ثم في التجارة التي كان منها زواجه (صلى الله عليه وسلم) بالسيدة خديجة (رضي الله عنها)، وكل ذلك قبل نزول الوحي، أما حين نزل الوحي المبارك فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد كُلِّف بأمرين عظيمين: أولهما أن يجاهد نفسه ويحملها على ما سيدعو الناس إليه من خير والصبر على ذلك، والثاني أن يُنذِر الناس بما هو أبعد من مجرد الحياة التي يحيونها من لهو ولعب، أي الاستعداد للآخرة، وقد مضى النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) يدعو ويتحمل في سبيل الدعوة ألوانًا من المتاعب والمشقة لثلاث عشرة سنة يشاركه في ذلك صبر الذين آمنوا برسالته السامية حتى أذن الله بالهجرة إلى يثرب.
لم تكن حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) في يثرب أيسر من مكة، بل كانت أشق حيث سيواجه المسلمون عدوين: العدو الأول هم اليهود الذين لم يؤمنوا بالدعوة وأظهروا المسالمة وأبطنوا العداء والغدر، والثاني قريش وما فيها من غيظ إن لم يتمكَّنوا من النيل من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان من الطبيعي أن تدور رحى الحرب بين قريش والمسلمين، فكان النصر حليف المسلمين في بدر فأدركت العرب كافة قوة الدعوة الإسلامية الوليدة.
الفكرة من كتاب مرآة الإسلام
يمر عالمنا العربي المعاصر بمرحلة ركود طويل حاول معها رواد الفكر وأعلام النهضة أن يخرجوا بأمتهم من ذلك الركود مرارًا، واختلفت المسالك والمناهج في ذلك واضطربت الأقدام وتعثَّرت الخطوات، ومن بين أولئك الذين حاولوا استنهاض الهمم للحاق بركب الأمم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، وكانت كتاباته تثير جدلًا واسعًا حتى شهدت حياته حدثًا فريدًا ومختلفًا غيَّر من بوصلته ووجهته، فما ذلك الحدث؟ وما الذي دعا إليه طه حسين؟
يجد القارئ في كتاب “مرآة الإسلام” عرضًا مكثفًا للسيرة النبوية ولأصول الدين ممزوجًا بعبارات اعتبرها البعض مراجعة فكرية لطه حسين وإيابًا روحيًّا له.
مؤلف كتاب مرآة الإسلام
الدكتور طه حسين: ولد بمحافظة المنيا بصعيد مصر سنة 1889م، وفقد بصره في سن مبكرة، وتتلمذ على يد شيوخ الأزهر الشريف، ثم التحق بالجامعة المصرية الأهلية سنة 1908م، وكان سفره إلى فرنسا سنة 1914م، ثم رجع إلى مصر سنة 1919م، وتُوفِّي أول يوم عيد الفطر، الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973م، ومن مؤلفاته: “الأيام”، و”التوجيه الأدبي”، و”مستقبل الثقافة في مصر”.