قيادة القلب بين التفريط والإفراط
قيادة القلب بين التفريط والإفراط
يتعامل الموظفون مع نوعين من القادة: الأول كلاسيكي إلى أبعد الحدود؛ فلا يعترف إلا بالأرقام والأهداف ويرى أنه ليس ثمة ارتباط بين تنمية الأفراد وتنمية الشركة، وهذا القائد يحقق نتائج على المدى القصير دون الحفاظ على مستوى مرتفع من الأداء لأطول فترة كما يفسد الروح المعنوية للمؤسسة ويحطم حماس الأفراد تمامًا، أما النوع الثاني فقائد مفرط كل الإفراط في الاعتماد على المشاعر ويبالغ في تقديم رضا الأفراد على كل الأهداف المنشودة، وبالطبع نعرف أنه “إذا كان اهتمامك الأساسي هو التعاطف مع الآخرين، فعمَّا قريب لن تجد أي شخص يتعاطف معك”!
إن كلًّا من المسارين الماضي ذكرهما لا يعرفان أي تحقيق للتوازن بين احتياجات الأفراد ومتطلبات العمل، فإن كنت لا تزال ترى صوابية المسار الكلاسيكي في القيادة المتجاهل لمشاعر واحتياجات الأفراد فدعنا نتعرف معًا على ثمار قيادة القلب، فعندما تظهر اهتمامك وثقتك بفرد من الأفراد في العمل، فعلاوة على أنه يزيد من التزامه فإنه يمنحه ثقة أكبر للابتكار استجابةً للأثر الإيجابي للتوقعات العالية أو ما يُعرف بتأثير (بيجماليون)، وفائدة أخرى يجنيها القادة الذين يحقِّقون توازنًا بين العقل والقلب ترتبط باستمرارية الأفراد، حيث يظهر على المدى البعيد أن الأفراد يتركون شركاتهم إذا لم يوجه إليهم التقدير المناسب بخلاف لو أن هناك صلات تربطهم بالمسؤولين وتُلبي احتياجاتهم بصدق.
وتعتبر المبالغة في الاهتمام بمشاعر الأفراد فخًّا لا يقل خطورة عن إهمال العواطف في القيادة، وهناك علامات تدل على أن القائد قد فقد التوازن المطلوب وأفرط في الاعتماد على القلب وحده، ومن ذلك: تجنُّب المواجهة مع الأفراد غير الصالحين للعمل بالمؤسسة من خلال إصلاحهم شكليًّا بدلًا من الاستغناء عنهم، ومن ذلك أيضًا الدفاع عن أخطاء الأفراد بحجة ولائهم للمؤسسة منذ سنوات أو تبرير استمرارهم في فعل ما لا يُرجى منه فائدة، وكذلك إعذار الأشخاص ذوي المشكلات الحياتية زيادة عن الطبيعي، ومن ثم قبول أدائهم الضعيف أو حتى التردُّد في مواجهة غير الأكفاء عمومًا.
الفكرة من كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
شهد العالم تحولات مركزية كبرى في كل العلوم والفنون، ورافق ذلك تغيرات مفاهيمية وعملية تجعل من استيعابها وتغيير أدواتنا واستراتيجياتنا لتلائم هذه التحولات والتطورات ضرورة أساسية في أعمالنا. والقيادة كغيرها من العمليات تأثرت كثيرًا بهذه التحولات والتغيرات، مما عدَّ القيادة الجزئية المرتكزة على القوة وحدها فشلًا في العصر الحالي وإن كانت قد نجحت في عصور سابقة.
يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة للقيادة المتكاملة بجوانبها الثلاثة: العقل والقلب والشجاعة، موضحًا مفهوم كل جانب كاشفًا عن الروابط العميقة بينها وما يشمله من عوائق تواجه القادة الراغبين في قيادة ناضجة.
مؤلف كتاب العقل والقلب والشجاعة: ثلاث سمات تصنع منك قائدًا ناجحًا
ديفيد إل دوتليتش David L. Dotlich: رئيسُ مَركزِ “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، ونائبُ الرئيس التنفيذي السابق في شركة “هانيويل إنترناشونال”، ومشارك في مؤلفات عدة منها: “قائد غير كامل”، و”ممرات القيادة”.
بيتر سي كايرو Peter C. Cairo: رئيس إدارةِ إعداد برامج تطوير المسؤولين التنفيذيين واستراتيجية القيادة في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وأسهم في تأليف عدة كتب منها: “لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون”، و”عالقون في الوسط”.
ستيفن إتش راينسميث Stephen H. Rhinesmith: شريكٌ في مركز “ميرسر دلتا” لتعليم المسؤولين التنفيذيين، وشغَلَ منصبَ رئيس شركة “هولاند أمريكا لاين”، ومن مؤلفاته: “دليل المديرين للعولمة”.