قيادة أمريكية
لقد تحركت ثماني وعشرون دولةً بقيادة أمريكية لضرب العراق جوًّا وبرًّا وبحرًا بأكبر سيل من القذائف والمتفجرات، كل هذا من أجل النيل من صدام وإجباره على الانسحاب من الكويت دون مقاومة، فمن أجل سلامة الشعب الأمريكي تراق دماء العراق، ولكن الغرابة لم تكن في ذلك فهذا منطق الحروب، إنما الغرابة في أن يُروج لشعارات الإنسانية وحفظ الدماء والتحرير -في هكذا حرب- من دولة اعترفت بنفسها أنها قصفت الكباري وخطوط الكهرباء ومحطات المياه ومجمعات المجاري وخطوط السكك الحديدية وعربات النقل والمخازن والبريد، وأنها في غارة واحدة قتلت مائتين وثمانين عراقيًّا من النساء والأطفال والشيوخ في ملجأ من الغارات عن طريق الخطأ!
وما استهانة الجيش الأمريكي بشعب العراق بأكبر من استهانة صدام نفسه بشعبه، حين زج به في هذه الحرب ليحفظ كبرياءه وحسب، وهذا هو اللامعقول الأول في هذه الحرب كما يرى مصطفى محمود، أما اللامعقول الثاني فهو أنه لا يوجد كاسب واحد عربي من هذه الحرب، وإنما هي غنيمة تهافت الغرب كله عليها ليأخذ حصته، فهدموا وقبضوا ثمن الهدم عاجلًا ثم سيأتون للبناء ويقبضون ثمن البناء آجلًا.
واللامعقول الثالث هو أن الحروب تقوم لإعادة حقوق أو إرساء السلام، وهو ما لن يتحقق في هذه الحرب، إذ ستخلف إرثًا من العداوات والفتن والبغضاء بين العرب فيضعف الجسم العربي، وما أشد فرحة إسرائيل بذلك فتُزكي الفتنة وتلزم ضبط النفس تجاه كل الاستفزازات حتى لا توجه الأنظار لها؛ فيتحد عليها العرب، ففي غمرة الخوف (العربي _ العربي) سيتوارى الخوف (العربي _ الإسرائيلي)، وكان اللامعقول الرابع من نصيب العرب أن يعودوا 100 سنة للوراء دولًا تابعة بحاجة إلى القروض والمعونات مليئة بالفقر والتناحر والفتن!
إن الأحداث حتى وإن عادت للوراء، فإنه لم يكن هناك ما يمكن تغييره في الموقف العربي؛ فالأمر لا يخلو من حبكة القدر وحكمة الله التي ربما نجهلها، غير أن الحرب أظهرت ما في الصدور وانكشف الزيف وما هو إلا فصل في رواية لم تكتمل فصولها بعد!
الفكرة من كتاب ألعاب السيرك السياسي
يستهل الدكتور مصطفى محمود كتابه بالحديث عن المراوغات والخدع التي تُمارس سياسيًّا، والشعارات الرنانة التي تُرفع ليمرر من تحتها الحروب والاستعمار والاستبداد، وكل ذلك في سبيل مصالح رافعي تلك الشعارات، وقد أفرد كتابه بشكل مفصل لتحليل مُقدمات حرب الخليج الثانية بعد عدوان صدام على الكويت وتداعيات ذلك.
مؤلف كتاب ألعاب السيرك السياسي
مصطفى محمود، فيلسوف وطبيب وكاتب مصري، ولد عام 1921، وتوفي عام 2009.
له أكثر من 80 كتابًا في مجالات متنوعة.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
– الإسلام السياسي.
– المعركة القادمة.
– التوراة.
– المسيخ الدجال.