قوة التخيُّل
قوة التخيُّل
قم باسترجاع ذكرى سعيدة وكأنك تعيشها الآن بكل تفاصيلها ووقائعها وتحس كل لحظة فيها بكل حواسك، ثم انتقل لاسترجاع ذكرى مؤلمة كوفاة شخص عزيز؛ فاستحضر صورته وملامحه ومواقفه معك واستشعر نفس الألم الذي أصابك حال فقده وراقب حالتك الوجدانية، ثم انتقل لتذكُّر موقف تعرَّضت فيه للإهانة اللفظية أو البدنية وأعد معايشة المشاعر التي انتابتك حينها والآثار السيئة التي أصابتك بعدها، وراقب معدل التنفس والتغيرات النفسية والعضوية في كل موقف، وستلاحظ -في الغالب- أن حالتك النفسية والعضوية تغيَّرت تبعًا لكل ذكرى؛ بين مشاعر البهجة والانطلاق في الموقف الأول، ومشاعر الحزن والانقباض في الموقف الثاني، ومشاعر الغيظ والغضب وربما الكراهية في الموقف الثالث، ورغم أنها مجرد تصوُّرات ذهنية غير حقيقية خلال دقائق معدودة! إنها قوة التخيل؛ إحدى مميزات العقل البشري المذهلة، القادرة على توجيه سلوكياتنا ومشاعرنا وأمزجتنا، وكثير من الشكاوى المرضية هي نتيجة لتخيلات ذهنية منفِّرة وكئيبة، وقد أجمع علماء النفس -على اختلاف مذاهبهم- على قدرة تصوراتنا على التأثير في مشاعرنا إيجابًا وسلبًا، فرغبتنا في العمل والإنجاز يمكن أن تتزايد بخلق تصورات طيبة عنه محل التصورات السلبية.
يستخدم النفسيون أسلوب العلاج التنفيري للتخلص من العادات السيئة كالإدمان والسلوكيات الشاذة، ففي بريطانيا قلَّت أعداد المدخنين باختراع لفافات سجائر تفرز مادة شحمية مقرفة عند إشعالها، وتتعدى تطبيقات التخيل إلى المساعدة في علاج أمراض عضوية كالربو وتحمُّل الألم، بل في الأمراض المستعصية كالسرطان حيث في أحد مراكز البحوث بولاية تكساس طُلِب من المرضى تخيُّل الورم كقطعة لحم نتنة أو فأر قبيح وتخيل قوى مهاجمة لها كفارس يرمي سهمه، وظهرت النتائج -رغم الجدل- إيجابية، كما يتم تطبيق تمارين التخيل -منفردة أو مع أساليب الاسترخاء وغيرها- في علاج القلق والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية، وليس شرطًا أن تكون الصور المُتخيَّلة مركَّبة أو لقوالب جاهزة، بل يكفي أن تغمض عينيك وتستحضر مرافق حجرتك وألوانها وتعدِّل في الصورة كيفما تشاء.
الفكرة من كتاب السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة
نواجه في حياتنا اليومية الكثير والكثير من الضغوط والقلاقل والمنغِّصات والخبرات السيئة التي تسلبنا الراحة والطمأنينة، وتتغذى على اتزاننا النفسي وصحتنا البدنية والعقلية وتؤثر بالسلب في وظائفنا المهنية وأدوارنا الاجتماعية، والأهم من ذلك أنها تحرمنا الشعور بالسعادة والاستمتاع بالحياة والرضا عنها، وقديمًا قال الشاعر العربي: “كلُّ ابنِ همٍّ بليةٌ عمياءُ”.. ويقدم لنا الدكتور عبد الستار إبراهيم -بخبرته الطويلة- توصيفًا لمشكلات القلق والاكتئاب والانزواء على الذات واضطراب العلاقات الاجتماعية، ويطرح أساليب مُجَرَّبة لتحسين حياتنا ومواجهة مشاكلها ومنغصاتها لفتح النوافذ أمام نسمات السكينة والاطمئنان والسعادة.
مؤلف كتاب السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة
الدكتور عبد الستار إبراهيم: أستاذ العلوم النفسية واستشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي بالمركز الطبي التابع لجامعة الملك فهد، وزميل بكثير من الجمعيات العلمية العالمية في علم النفس والصحة النفسية كالجمعية النفسية الأمريكية، وأكاديمية العلوم والفنون والآداب بولاية ميشجان، وجمعية الصحة العقلية التابعة لمنظمة الصحة الدولية، وقد وُلِد في قرية الزينية بالأقصر، وتخرج في قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس ١٩٦٢، ونال الدكتوراه في علم النفس من جامعة القاهرة ١٩٧٢، ونشر كثيرًا من الكتب والأبحاث الجامعية والثقافية وعلم النفس والعلاج النفسي للقارئ العام والمتخصص، ومُنِح كثيرًا من الجوائز التقديرية والشرفية من مؤسسات أمريكية وبريطانية.
من مؤلفاته:
– القلق قيود من الوهم.
– الحكمة الضائعة.. الإبداع والاضطراب النفسي والمجتمع.