قناة السويس
قناة السويس
في يوم الخامس عشر من شهر نوفمبر عام ألفٍ وثمانمائة وأربعةٍ وخمسين، وكان قد مر على وصول ديليسبس إلى مصر ثمانية أيام، ذهب كالمعتاد ليتناول قهوة الصباح مع الوالي، وكان ذو الفقار هناك، وكان هناك أيضًا أخ آخر هو حليم باشا، وكذلك المعاونون العسكريون للوالي، وفي هذه الجلسة أخبر ديليسبس الوالي كيف له أن يسجل التاريخ عهده بأنه العهد الذي ازدهرت فيه مصر، كما لم تزدهر من قبل.
وهذا عن طريق شق قناة مباشرة عبر السويس تربط البحر الأحمر بالمتوسط، وبعمل بحيرة يفيض الطمي فيها، وبهذا يقصر الطريق بآلاف الأميال على السفن البحرية، ويكون أنجز شيئًا لم ينجح أحد غيره في عمله؛ قناة عملية، وغير مكلِّفة، وستحقق مكاسب جيدة، وستقصر المسافة بمقدار النصف بين الدول الرئيسة في أوروبا وأمريكا وبين جزر الهند الشرقية.
وقد وافق سعيد على هذا، وطلب من ديليسبس عرض النتائج المصرية على قادته العسكريين، الذين كانوا لا يعرفون الكثير عن الهندسة، ولم يفهموا شيئًا من إيضاحاته، إلا أنهم وافقوا على المشروع، ولم يمنح امتياز القناة لديليسبس نفسه، بل للشركة العالمية التي كان عليه أن ينظِّمها بغرض بناء القناة، واشترط الامتياز أن الإذن يجب الحصول عليه أولًا من الباب العالي في تركيا.
هذا الإذن استغرق من ديليسبس أربع سنوات للحصول عليه، وكانت مدة الامتياز تسعًا وتسعين سنة تبدأ من تاريخ الانتهاء من عمل القناة، وفي نهاية هذه المدة تصبح ملكًا لمصر، يدفع المموِّلون التكاليف، ويحصلون مقابل هذا على 7% من الأرباح، غير أن تأميم القناة قطع عليهم هذا الطريق وأنهى الامتياز قبل ميعاده المتفق عليه.
وبدأ تجنيد آلاف العمال للحفر، واستغرق البناء الفعلي للقناة عشر سنوات، وبحلول فبراير عام ألفٍ وثمانمائة واثنين وستين، كانت قناة الماء العذب جاهزة، وتم بناء سرادق كبير عند بحيرة التمساح ودُعِيَ جميع المشاهير المهتمِّين بالمشروع إلى الحضور ليروا البحرين يلتقيان، وأعطى ديليسبس بنفسه الإشارة إلى الرجال لكي يزيلوا آخر شريط رفيع من الأرض يفصل بين كتلتي المياه العظيمتين واندفع البحر المتوسط في بحيرة التمساح.
الفكرة من كتاب ديليسبس وقناة السويس.. عبقرية الإنسان والتاريخ
يبحث هذا الكتاب في حياة فرديناند ديليسبس، من نشأته حتى وفاته، موضِّحًا مواطن براعته، والجهود التي بذلها لإنجاح مشروع قناة السويس.
مؤلف كتاب ديليسبس وقناة السويس.. عبقرية الإنسان والتاريخ
لورا لونج: كاتبة أمريكية، ولدت في إنديانا، ودرست في شيكاجو، والتحقت فيما بعد لمدة سنة بكلية الزراعة في ميشيغان.
من مؤلفاتها: “جون بيتر زينجر”، و”مدافع شاب عن الصحافة الحرة”، و”أوليفر هازارد بيري.. فتى البحر”، و”جورج ديوي: فتى فيرمونت (طفولة مشاهير الأمريكيين)”.