“قلعة هاول المتحركة”.. وسط نيران الحرب
“قلعة هاول المتحركة”.. وسط نيران الحرب
أتت الشهرة لميازاكي ولاستوديو “غيبلي” الوليد من بوابة فيلم “المخطوفة”، ذاع صيت هذا الفيلم داخل هوليوود وترقى في الصعود حتى حصد الأوسكار كأفضل فيلم في الرسوم المتحركة، وقد كان للجائزة من الوبال على الاستوديو الشهير ما لا يجعلها أبدًا نوعًا من المفاجآت السعيدة، لكن اليابانيين احتفلوا بضراوة على أي حال، فلن يفوز فيلم ياباني بالأوسكار كل يوم، لكن بالنسبة إلى ميازاكي الأخلاقي كان هذا بمنزلة اختبار، فرفض الذهاب إلى هوليوود لاستلام الجائزة وتردد في رفضها فليس هذا هو العالم ولا هذا العصر الذي ينتظر منه التكريم، أمريكا التي تبغي تكريمه والتصديق على إبداعه قد أشعلت حربها في العراق، فكيف لا يغضب؟ ثم ملأت تلك الحرب عقله وشغلت باله، فليس من المفاجئ أن يكون الفيلم التالي ملحمة درامية تقيم بنيان قصتها على نيران الحرب.
تعالت الأصوات وسط عمال الاستوديو بأهمية الحملات الدعائية بعد الشهرة والشعبية التي حصدها فيلم المخطوفة، لكن ميازاكي قرر أن يؤكد مرة أخرى أن كل هذا لا يهم ما دامت حكايته جميلة وذات قيمة، وقرر ألا يكون للفيلم القادم أي نوع من حملات الدعاية.
وكالعادة يود المخرج إيصال رسالته والتأكيد عليها منذ البداية، هناك لعنة ما تحيط بالجميع في هذا العالم، هذه القلعة المتطورة والفخمة على وشك السقوط والتداعي، إنها تشبه واقعنا الضخم الذي يقترب من النهاية، تحيط الحرب بالبطل “هاول” من كل مكان، وفي محاولته لتهدئة سعارها عبر قواه السحرية تزداد لعنته، ويتحول شيئًا فشيئًا إلى ما كان يعاديه، إنها الحرب التي أثارت إبداع ميازاكي، ولكنه لا يترك النهاية لهذا العالم القاتم، بل يصر على عالم يزول منه أثر هذه اللعنة، وتتحول القلعة المشوهة إلى قصر يوتوبي ناجٍ من الحرب.
الفكرة من كتاب عالم الإخراج: رحلة مع المخرج هاياو ميازاكي
تعارف الجمهور واتفق على وضع أفلام الرسوم المتحركة بمنطقة قريبة من الهزل وبعيدة عن الواقع وجديته، إذ تسيطر عليها موضوعات يغلب عليها طابع البطولة الخيالية، ويقصد معظمها فئات عمرية بعينها، حتى أفلام الأنمي اليابانية التي اقتربت ولو قليلًا من متاعب العالم، لم تكن جدية بما يكفي ولم يكن أبطالها على ذلك القدر من التعقيد والتركيب البشري، لكن ميازاكي الذي أتى من عالم القصص المصورة و مجلات المانغا، لم يوافق على تطويع فنه وملامحه ليوافق الشاشة والجماهير، بل نقل هذا العالم المعقد والمليء بالمشاعر والسريالية إلى التليفزيون وفق رؤيته الخاصة.
وقد ظل السؤال مطروحًا: هل يمكن لمخرج أفلام متحركة أن يكون مبدعًا وتتساوى أفكاره وعالمه الخيالي بمبدعي الأفلام الواقعية؟ أجاب ميازاكي على هذا السؤال حتى قبل حصوله على الأوسكار، حين مزج في عالمه الخيالي بين مشكلات الواقع وأمل البشر في مستقبل أفضل، لقد أعطى جمهوره شيئًا فقدوه ثم نسوه
مؤلف كتاب عالم الإخراج: رحلة مع المخرج هاياو ميازاكي
سوزان جاي نابير: معلمة ولغوية أمريكية، ولدت سوزان عام 1955 م بكامبريدج في الولايات المتحدة الأمريكية، أكملت دراستها الجامعية بجامعة هارفارد حيث أتمت دراستها العليا كذلك، عملت سوزان في جامعة لندن، ومحاضرةً زائرةً في جامعة هارفارد، من أهم أعمالها:
Anime from Akira to Howl’s Moving Castle: Experiencing Contemporary Japanese Animation
From Impressionism to Anime: Japan as Fantasy and Fan Cult in the Mind of the West
The Fantastic in Modern Japanese Literature: The Subversion of Modernity
معلومات عن المترجم:
أحمد الزبيدي: كاتب وأديب ومترجم عماني، ولد عام 1945 م بمدينة ظفار في سلطنة عمان، وعاش طفولته متنقلًا بين عديد الدول العربية بغرض الدراسة، وتوفي عام 2018 م، من أهم أعماله:
سنوات النار.
امرأة من ظفار.
ترجمة رواية عامل المناخ.
ترجمة كتاب حروب وأساطير من معركة مجدو إلى سقوط روما.