قفزة عظيمة إلى الأمام
قفزة عظيمة إلى الأمام
كانت الحكومة الصينية في عهد الزعيم “ماو” تتسم بإهدار هائل للموارد والطاقات البشرية، فقد طُلِبَ -على سبيل المثال- من القرويين أن يقوموا بإنشاء أفران لصناعة الصلب في الأفنية الخلفية لمنازلهم، في حين كان يعوزهم الحديد الخام الذي يصهرونه فيها، فلجأوا إلى صهر الأدوات المعدنية التي يمتلكونها من أجل تلبية الحصص الإنتاجية التي كانت تطلبها منهم الدولة، فنتج عن ذلك تدمير السكاكين القديمة لصناعة سكاكين أخرى مشابهة، لكن غير صالحة للاستخدام! فكانت سياسة ماو الصناعية هزلية، لازمتها سياسة زراعية تراجيدية تسبَّبت في مجاعة أودت بحياة 30 مليون صيني!
فخلال حكومة ماو لم يُرَ أي أثر لِما اصطلح عليه “قفزة عظيمة إلى الأمام”، وبعد وفاة ماو، وتولي الزعيم الصيني “دينج” الحكم، شهد الاقتصاد الصيني خلال خمس سنوات تحولًا لا يُصدَّق، فقد نما الإنتاج الزراعي الصيني بنسبة 40%، حيث قام دينج برفع السعر الذي كانت تدفعه الحكومة للمزارعين إلى الربع، كما تم رفع الأسعار المدفوعة للمحاصيل الفائضة بنسبة 40%، فتم تحفيز المزارعين بجعلهم يبذلون المزيد من الجهد لإنتاج المزيد من المحاصيل.
فكان “دينج” وليس “ماو” هو الذي حقَّق القفزة العظيمة إلى الأمام، باستخدامه قوة الأسواق والأسعار، فأصبحت الصين في عهد دينج تستجيب لمطالب الأسواق العالمية، بعد أن كانت تستجيب لمطالب ماو؛ فمدخرات واستثمارات اليوم تزيد من ثرائك في الغد، وبذلك استطاعت الصين أن تحقق قفزتها العظيمة إلى الأمام.
الفكرة من كتاب المخبر الاقتصادي
ربما وأنت تطالع هذا الملخَّص لم توصِ أخضر بأن يقوم بتلخيصه من أجلك، بل ربما لم يخطر على بالك وأنت تتصفَّح التطبيق أنك ستقرأه، رغم ذلك وبشيءٍ من السحر قام العشرات بما يلزم من أجل تلبية رغباتك غير المتوقعة، بدءًا من المعدين، ثم المحررين، ثم المدققين اللغويين، ثم المعلق الصوتي، وغيرهم، فأي منتج يصل إليك كمستهلك هو نتاج جهد ضخم لعدد كبير من الأشخاص، ففنجان القهوة الذي تشربه وأنت تقرأ هذا الملخَّص يكمن خلفه نظام معقد جدًّا، يبدأ من زرع البُن، ثم قطف ثماره، وصولًا إلى تحميصه، وكذلك سبك الصلب، وشكل اللدائن لصناعة آلة القهوة، إلى جانب المواد التي يصنع منها الكوب الذي يوضع فيه مشروب القهوة، وصولًا إلى اليد الأخيرة (أنت).
مؤلف كتاب المخبر الاقتصادي
تيم هارفورد Tim Harford خبير اقتصادي يكتب في مجلة “فاينانشال تايمز” Financial Times، عَمل في السابق مدرسًا لمادة الاقتصاد بجامعة أكسفورد، له كتب عديدة منها:
The Logic of Life
How to Make the World Add Up
The Undercover Economist Strikes Back
Adapt: Why Success Always Starts with Failure