قضية السودان بين عهدين
قضية السودان بين عهدين
كانت بريطانيا خلال السنين السابقة للثورة تعمل على فصل السودان عن مصر لإلحاقه بإمبراطوريتها، فكانوا يدعمون أحزاب الاستقلال ويضعفون أحزاب الوحدة داخل السودان.
فكانت هذه القضية من أخطر ما واجه وزارة محمد نجيب في بدايتها، وبعد دراسة مكثَّفة لهذه المشكلة وجدوا أنه بحكم موقع السودان الجغرافي وظروفه الاقتصادية إما أن يرتبط ببريطانيا أو بمصر، ويجب أن تحرص مصر على ارتباط السودان بها سواء عن طريق وحدة أو اتحاد، وهذا يتحقَّق بجمع كلمة السودانيين بأحزابهم المختلفة على الارتباط بمصر.
وكان لشخصية نجيب وإخلاص الجانب المصري في المفاوضات أثر كبير في الوصول إلى اتفاق وعودة الود مرة أخرى بين الطرفين، فنجيب قد ولد في السودان وعاش فيه فترة من حياته وخدم بعد تخرُّجه في المعهد الحربي بالسودان، فتوثَّقت علاقته بإخوانه السودانيين.
فتوصَّل الطرفان إلى اتفاق أن السودان واقع بين اختيارين لا ثالث لهما، إما الاتحاد مع مصر وإما الاستقلال عنها دون أي ارتباط بدولة أخرى، ولكن في بداية عام 1955 أخذت العلاقات بين البلدين في التدهور شعبًا وحكومة، فقد أحسَّ السودانيون بالغدر بعد الانقلاب على نجيب وشعروا أنهم لا يمكن أن يأمنوا جانب المصريين بعدما حدث، وقد كان نجيب رمزًا وسببًا مهمًّا للوحدة، وانتهت هذه الأحداث بتحول الاتحاديين أنفسهم بضغط من الرأي العام إلى الموافقة على الانفصال عن مصر.
الفكرة من كتاب ذكرياتي عن الثورة
دائمًا ما يُنظر في التاريخ إلى من يتصدَّرون المشهد في الأحداث الكبرى، وفي هذه الفترة الحرجة في تاريخ مصر -ثورة يوليو- كانت هذه العناية في النظر التاريخي من نصيب الضباط الأحرار بشكل أساسي ومن اشتبك معهم بدرجة أقل.
وممن أُغْفِل دورهم في هذه الفترة هو سليمان حافظ خبير القانون الذي حمل على عاتقه صبغ أعمال الثورة وتصرفات الضباط الشباب بالشرعية القانونية، بالإضافة إلى ما أنيط به من مهام محورية في أحداث الثورة وما أعقبها من تحديات، ومن هذه المهام مشاركته في كتابة وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش وحملها إليه لتوقيعها. وفي هذه المذكرات، يُطلعنا سليمان حافظ على بعض أحداث هذه الفترة العصيبة عن قرب، ويعرض فيها مواقفه وآراءه ليحاسب نفسه أولًا ثم ليحاسبه التاريخ.
مؤلف كتاب ذكرياتي عن الثورة
سليمان حافظ علي: نائب رئيس مجلس الدولة المصري عند قيام ثورة 23 يوليو، وُلد بالإسكندرية عام 1896، وحصل على ليسانس الحقوق من الجامعة المصرية عام 1920.
عمل في بداية حياته في المحاماة قبل أن يدخل السلك القضائي، ثم انتقل إلى مجلس الدولة عام 1949، وتولَّى مناصب مهمَّة إبَّان الثورة منها المستشار القانوني لرئاسة مجلس الوزراء في وزارة على ماهر، ونائب لمحمد نجيب في وزارته ووزير للداخلية، كما تم ترشيحه لتشكيل الوزارة خلفًا لعلي ماهر ولكنه رفض.