قضايا مِصرية
قضايا مِصرية
وصف جمال حمدان شخصية الإنسان المصري فقال إن من أبرز خصائصها التدين، لطبيعة الحضارة الزراعية وما فيها من صبر ودأب، ومن خصائصها المحافظة، والميل إلى التعاون، وحب الأسرة والأجداد، واحترام الواقع الذي تعلَّمه من الجغرافيا والتاريخ أي البيئة والتجربة، وهو مع ذلك يهرب منه بالتدين أو بالنُكتة. ومن خصائص مصر -كما يقول حمدان- أنها تُمصِّر كل جديد يدخلها وتصبغه بطباعها وهي ملكة الحد الأوسط بين الأصالة والمعاصرة والمحلية والعالمية.
ولم تعرف الشخصية المصرية كراهية الأجانب، واتسمت بالتسامح الديني على مر العصور، وفي العصر الحديث نجد المسلمين والأقباط في مصر تجمعهم وحدة الوطن والتاريخ والحضارة الإسلامية من قبل، وتجمعهم الآن ثقافة نصف غربية نصف عربية إسلامية، وما من أقلية دينية تشبه أقباط مصر الذين عاشوا في ظلال المجتمع الإسلامي، ويرى حمدان أنهم يمكن أن يكونوا حلقة الوصل بين المسيحية والإسلام وبين مصر والغرب، وأن الغرب المسيحي عليه أن يقطع صلته باليهودية التي لم تعد ديانة حقيقة ويتصل بالإسلام لبناء عالم السلام.
أما معظم سلبيات الشخصية المصرية فيقول إنها نتيجة للقهر السياسي الذي تعرض له الشعب المصري على مر العصور، ومنها السلبية واللا مبالاة والمحسوبية، وسماحة تعطي للرجل الصغير أكبر مما يستحق وتضيق بالرجل الكفء فلا تترك له مكانًا فيها إلا أن يكون تابعًا لا يُبدع ولا يُعارض.
وتحدث حمدان عن مشكلة مصر السكانية، فقال إنها مشكلة جسمها بيولوجي لكن جذورها في الاقتصاد ومناخها الاجتماع، ورأى أعراضها تتمثل في العمالة والبطالة، وهجرة العقول، ومستوى المعيشة، والغذاء، والصحة، ورأى أن حلها في أربعة أمور، هي إعادة توزيع الدخل توزيعًا عادلًا، وزيادة الدخل القومي بالتنمية، والهجرة بوصفها حلًّا احتياطيًّا، وضبط النسل بغير منع أو تحديد لكن لإبطاء النمو السكاني فقط.
وفي حديثه عن السد العالي، قال إنه كان مشروعًا هندسيًّا لكن صار له بعد سياسي وصار يرمز إلى الاستقلال الوطني والأمن المائي والقوة السياسية، وقال إن عطاء السد محدود بالنسبة إلى ضخامته وتكاليفه وأخطاره، ولم يصل أثره في الزراعة آنذاك إلى ما وصل إليه تأثير خزان أسوان وخزان الأولياء، وبناؤه كان مغامرة خطِرة تحمل آثارًا جانبية في طبيعة النهر والوادي، إذ قسم النيل إلى نهر بلا طمي شمال السد وأسفله وبحيرة وطمي جنوب السد.
وفي حديثه عن قناة السويس، ذكر أنه لا بد من حمايتها اقتصاديًّا كما نحميها عسكريًّا، بألا تكون مجرد طريق ساكن نحن فيه مجرد دليل ومحصِّل، ولكن نستثمرها كقناة دينامكية ونبني لنا أسطولًا قويًّا.
الفكرة من كتاب جمال حمدان وعبقرية المكان
جمال حمدان، هو ذلك العالم الفريد الذي عشق الجغرافيا فكان من أعلامها، وعُرف بموسوعته “شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان”.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة نعرف فيها نشأته ودراسته، وعزلته عن المجتمع، ونظرته إلى علم الجغرافيا وعلاقته بغيره من العلوم، ونلقي نظرةً على مؤلفاته وإنتاجه العلمي، وعلى آرائه في قضايا عديدة، حتى نصل إلى قصة وفاته الغامضة التي تحيطها علامات الاستفهام.
مؤلف كتاب جمال حمدان وعبقرية المكان
محمد محمود غنيمة: كاتب وباحث جغرافي، وموثِّق تاريخي، عمل بمكتبة الإسكندرية، وشارك في إعداد مواد وثائقية لكتب عديدة، ونُشرت له مقالات في صحف ومجلات مصرية وعربية، من مؤلفاته: “ذاكرة النخبة – أوراق ومراسلات نادرة من التاريخ الحديث”، “عروش تتهاوى – النهايات الدرامية للأسرة العَلَوية” ومجموعة قصصية بعنوان “غيبوبة”.
أيمن منصور: باحث، وعمل بإدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية.