قضاء الدين
قضاء الدين
حان وقت قضاء الدين الذي كان يُقارب ثلاثة أطنانٍ من التمر، ويمكننا أن نعتبره من قسمين، القسم الأكبر لأبي الشحم اليهودي، والقسم الآخر لجماعةٍ من الغرماء كانوا غالبًا مسلمين من بني حارثة وبني سلمة. وعندما حان وقت حصاد التمر ذهب جابر إلى النبي ﷺ وقال: “إِنَّ أَبِي تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا مَا يُخْرِجُ نَخْلُهُ، وَلَا يَبْلُغُ مَا يُخْرِجُ سِنِينَ مَا عَلَيْهِ، فَانْطَلِقْ مَعِي لِكَيْ لَا يُفْحِشَ عَلَيَّ الغُرَمَاءُ”، فأتى النبي ﷺ يُساند جابرًا، ولما رآه الغرماء ألحوا وشددوا، فطاف النبي حول حصاد جابر ودعا له بالبركة، وكالَ لهم حتى أدى الله دين أبي جابر عندهم وبدا كأنه لم تنقص تمرة واحدة.
ثم حان يوم أبي الشحم اليهودي، فجمع جابر وزوجته الداعمة التمر، وجاء النبي ﷺ في وسط النهار مع عِلية أصحابه أبي بكرٍ وعمر ليساندوه، ونام النبي في بيت جابر، وذبح لهم جابر عَناقًا -أي ماعز سمينة- إذ عرف حب النبي للحم، وكان قد نهى امرأته عن الظهور إلا أنها خرجت من سِترها لما بلغ النبي عتبة الباب خارجًا، وسألته أن يُصلي عليها وعلى زوجها أو يدعو لهما ففعل. وسأل النبي اليهودي أن يُمهل جابرًا فأبى وأصر أن يأخذ تمره من العجوة أجود الأنواع، فقال ﷺ لجابر: “كِل له، فإن الله سوف يوفيه”، وقد كان، فانطلق جابر إلى المسجد يُبشر رسول الله: “ألم ترَ أني كلت لغريمي تمره فوفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا”، ونادى النبيُّ عمرَ ليبشره.
وامتدت عناية النبي بجابر بعدها؛ يرسله في حاجاته، ويُردفه خلفه ويُسمعه الحديث كما في ليلةٍ حفظ منه سبعين حديثًا لم يسمعها غيره.
الفكرة من كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
كانت شخصية جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) واقعية حقيقية وربما بدت عادية، كانت فيه سمات جيل الصحابة الفريد من الإيمان، والتوازن في العبادة، والعلم الحي، والعمل الدؤوب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع هذا الكتاب نعرف حكايته ونرى ما حظي به من التربية النبوية.
مؤلف كتاب جابر بن عبد الله – في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: كاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “الخلاصة في علم مصطلح الحديث” وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا و”حذيفة بن اليمان” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” و”فاطمة” و”خوَّات” رضي الله عنهم.