قتل من دون دافع!
قتل من دون دافع!
القصة الأولى تعود إلى عام 1900م، حين أقدم خادم يدعى تشارلز جُونز على قتل مخدومه بالكلوروفورم السام بعد تحريض من المحامي ألبرت بَاتريك، كان جونز على علاقة طيبة بسيده العجوز الذي انتشله من براثن الفقر، إلا أن جونز -لسبب ما- وافق على قتله، كُشفت خيوط الجريمة في ما بعد وألقي القبض على المذنبيْن، وفي السجن أعطى له باتريك سكينًا وقال له: “اقطع عنقك بهذا السكين ثم أعده إليّ لأقطع عنقي من بعدك”، الغريب أن جونز نفذ الأمر حرفيًّا ولم يفكر كيف سيعيد السكين إلى باتريك بعد قطع رقبته، لكن مسألة الفارق السيادي تقدم حلًّا أوليًّا لفهم اللغز، كان جونز شخصية متوسطة السيادة التقت بأخرى عالية السيادة متمثلة في باتريك، الذي نجح في نسج خيوط هيمنته عليه منذ اللقاء الأول بينهما، ليتحول بعدها جونز إلى شخص منوَّم يطيع أوامر منوِّمه.
القصة الثانية تخص جرائم قتل المستنقعات، ففي عام 1963م بدأ الثنائي مَايرا هِندلي وإيان بْرَادي طريقهما لعالم الجريمة، كانت جرائمهما نمطية إلى حد كبير، يقودان السيارة ويقنعان طفلًا عشوائيًّا بالركوب لتوصيله وبعدها لا يُرى الطفل حيًّا أبدًا، عُثر على أشرطة فيديو لبعض ضحاياهم يتوسلون الرحمة وصور للشريكين نائمين فوق موضع قتل الجثث، يبدو من التحليل الأولي للجريمة أن ذلك أشبع لديهما متعة معاداة المجتمع والشعور بأنهما خطران. وفي عام 1965م قبض على الشريكين، وفي أثناء المحاكمة أبدت مايرا شعورها بالعار واعترفت بما فعلته، بينما ظل برادي غير مبالٍ ولم يعترف بأية جريمة.
وهنا تتضح الصورة، كان برادي شديد الإعجاب بالذات، عشق هتلر والنازية وآمن بأفكار الماركيز دي-ساد وابتلعها بنهم، عندما التقى مايرا التي سرعان ما أعجبت به بدأ يمارس هيمنته عليها، يتجاهلها حين يريد ويتودد لها حين يريد، وعلى مدى شهور استمتع بأرجحة مشاعرها بين اليأس والرجاء حتى أقنعها أخيرًا بارتكاب جريمة قتل. استمد برادي قوته من معاداة المجتمع التي تظهر بصورة فجة في القتل، أما مايرا فكانت تبجله وترى فيه فتى أحلامها الذكي، فانخرط في القتل ليحتفظ بنظرة الإعجاب تلك ويستمر في ممارسة السيادة عليها، ومجددًا أطاعته مايرا بلا تردد كأنها منومة!
الفكرة من كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
اغتصب الجنود اليابانيون ما يزيد على عشرين ألف أنثى في مدينة نانكنج الصينية، وانتزعوا أحشاءهن بعد الاغتصاب، كما استعملوا صبية المدارس أهدافًا حية للتدريب على القتل بسناكي البنادق، وفي الجانب الآخر من العالم دخل الألمان قرية أورادور الفرنسية، فجمعوا نساء القرية وأطفالها في الكنيسة قبل أن يضرموا فيها النيران ويحرقوهم أحياءً، ومَن حاول من الأطفال الفرار من ألسنة اللهب أمسك بهم الجنود وألقوا بهم في الكنيسة المشتعلة. وبعد تلك الحادثة ببضعة عقود، وافق المقاومون الفلسطينيون على ترحيلهم من بيروت تحت وطأة الحصار، وتركوا نساءهم وأطفالهم بمعسكري صبرا وشاتيلا للاجئين، فقامت عناصر مسلحة تحت حماية قوات الاحتلال بمذبحة تركت ندبًا عميقة في جسد التاريخ.
على مدى قرون، تفرد الإنسان بوحشية مفرطة وبكونه الكائن الوحيد الذي يتلذذ بتعذيب بني جنسه.
وهذا كتاب يغوص في أعماق الجريمة، لدرجة قد تجعل القارئ يقرر في بعض صفحاته ألا يكمله من هول ما يقرأ، لكن الواقع أليم والمجرمين كثر وفي تزايد، لذلك يعد الكتاب مصدرًا مهمًّا لفهم عقلية المجرم، عسى أن نمنع الشر أو على الأقل.. نُحجمه.
مؤلف كتاب التاريخ الإجرامي للجنس البشري: سيكولوجية العنف البشري
كولن ولسن: كاتب إنجليزي ولد في ليستر بإنجلترا، ترك المدرسة في سن السادسة عشرة ليساعد والده، نشر كتابه الأول “اللامنتمي” وهو في سن الخامسة والعشرين، وله عدة مؤلفات منها
أصول الدافع الجنسي.
فكرة الزمان عبر التاريخ.
المعقول واللامعقول في الأدب الحديث.
معلومات عن المترجم:
د. رفعت السيد علي: ترجم عدة أعمال منها:
الطريق إلى مكة.
مقدمة قصيرة عن الحرب العالمية الأولى.