قارِب
بعد انتهاء مرحلة التشعُّب، تبدأ مرحلة التقارب، والتي لا يُمكن أن تعمل بالتوازي مع التشعُّب على عكس مرحلتي الشك والاستكشاف، لأننا كما ذكرنا في مرحلة التشعُّب لا يُمكن إصدار أحكام حتى لا تُثبِّط قدرة الحاضرين على الإبداع، لكن في مرحلة التقارب يتم تحليل الأفكار والكشف عن إمكانية تحويلها إلى واقع، ومرحلة التقارب تحتاج إلى أكثر من فرد كالتشعُّب، ومن الممكن إشراك الفريق الذي شارك في التشعب في هذه المرحلة حيث يكون مُدركًا للقضية التي تمَّت مناقشتها أو بدلًا من ذلك يتم تشكيل فريق من مجموعة أفراد لديهم قدرات عالية على اتخاذ القرار.
بعد اختيار الفريق، نحتاج إلى تحديد ثلاثة أشياء مهمة؛ أولها القيود التي يتسبَّب كسرها في ضرر للشركة مثل (الميزانية، القوانين واللوائح، معايير الصناعة)، وثانيها المعايير الذاتية التي يتم الاتفاق عليها من خلال المناقشة لتقييم إذا كانت الأفكار ملائمة أم لا، ومن أمثلة هذه المعايير: (مواءمة الفكرة لأهداف وقيم الشركة، قدرة الشركة على توفير الموارد المطلوبة ومتطلَّبات التسويق، والوقت المطلوب لتنفيذ الفكرة يتناسب مع الجدول الزمني للشركة، هل ستعزِّز الفكرة من سمعة العلامة التجارية ومن قدرتها على المنافسة أم لا، وإمكانية التعامل مع عواقب فشل الفكرة).
وأخيرًا إجراءات التصويت، هل سيتم إجراء جولة تصويت واحدة أم عدَّة جولات، وهل سيكون صوت الرؤساء التنفيذيين بنفس وزن أصوات باقي الفريق أم أكثر وزنًا.
عند البدء بمرحلة التقارب، يتم تذكير الجميع بالقضية المركزية المُراد معالجتها، وعرض الأفكار والقيود والمعايير التي سيتم اتخاذ القرار بناءً عليها، بعد ذلك يتم مقارنة كل فكرة بالمعايير، وقد تشعر مجموعة من الفريق بعدم الرضا عن الفكرة التي تم اختيارها، وبالتالي يُمكن تكرار عملية التشعُّب والتقارب للتعديل في الفكرة، لكن في حالة وجود أكثر من فكرة منطقية بعد التصويت يُمكن تكرار عملية التصويت أو اتخاذ قرار بشكل فردي وتحمل المسؤولية بالنيابة عن الفريق بناءً على تصوُّر الحل الأكثر منطقية بالنظر إلى الحقائق، والقيود، والمعايير.
الفكرة من كتاب التفكير في صناديق جديدة: نموذج فكري جديد للإبداع في عالم الأعمال
“عدد ألوان قوس قُزح سبعة”.. هذه المعلومة التي درسناها في المدرسة حيث ترى العين بالفعل سبعة ألوان فقط، هي معلومة غير صحيحة، فقوس قُزح طيف مستمر من الألوان، ولكن لتواجه عقولنا مثل هذا التعقيد، تقوم بتبسيط المعلومات وتضعها في قالب ذهني، هو المسؤول عن استيعاب وتخزين المعلومات لاستخدامها في مواقف مماثلة من أجل التكيُّف مع الواقع، وسنسمِّي هذا القالب “الصندوق”.
ولأن عالمنا مُعقَّد، ونواجه العديد من المعلومات يقوم العقل بتصنيفها ووضعها في عدَّة قوالب أو صناديق، فتوجد صناديق خاصة بالعناصر المتشابهة مثل أسماء شركات الإلكترونيات مثلًا، صناديق خاصة بالأحكام كالتي نطلقها على الأشخاص والمواقف، وصناديق فكرية تحمل مصطلحات وأفكارًا عن الديمقراطية والحرية، وهناك أنواع أخرى من الصناديق، لذا يُنكر مؤلفو الكتاب نموذج “التفكير خارج الصندوق” كوسيلة للإبداع، فأي صناديق سنفكِّر بخارجها، وكيف سنخرج منها، وعند الخروج منها سنحتاج إلى صناديق جديدة.
لذا تم تأسيس هذا النموذج الجديد، وهو التفكير في صناديق جديدة، والذي يقدِّمه هذا الكتاب.
مؤلف كتاب التفكير في صناديق جديدة: نموذج فكري جديد للإبداع في عالم الأعمال
لوك دي براباندير: مستشار في مكتب باريس لمجموعة بوسطن الاستشارية، ووُلد في مدينة غنت ببلجيكا عام 1948، وقد حصل على شهادة البكالوريوس في الرياضيات التطبيقية عام 1971 من جامعة لوفان الكاثوليكية، وعلى درجة الدكتوراه في الفلسفة من نفس الجامعة عام 2002، وقد قدم ندوات عن الإبداع وبناء السيناريوهات وتقنيات الرؤية الاستراتيجية المطبَّقة على الأعمال، إضافةً إلى أنه ألَّف وشارك في تأليف حوالي تسعة كتب، من بينها:
The Forgotten Half of Change: Achieving Greater Creativity Through Changes in Perception
Platon vs. Aristote. Une initiation joyeuse à la controverse philosophique
ألان إني: أخصائي أول في مجال الإبداع والسيناريوهات في مجموعة بوسطن الاستشارية، وحاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات من جامعة مكغيل عام 1999، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية كولومبيا للأعمال، وقد قام بتدريب آلاف المديرين التنفيذيين والمستشارين في مجموعة بوسطن، ويقود مجموعة واسعة من ورش العمل في كل مجالات الصناعة، ويتحدَّث حول العالم عن التوصُّل إلى المنتجات والخدمات والأفكار وتطوير الرؤية الاستراتيجية الجديدة.