قارئ السُّنن
قارئ السُّنن
مالك بن نبي، مناهض آخر للاستعمار الفرنسي، يقسم هو شخصيًّا حياته إلى أربع مراحل: مرحلة الطفل، ثم الطالب، ثم الهائم المنبوذ، وأخيرًا الكاتب، ومايهمنا هو المرحلة الأخيرة، لا شك أن كل مرحلة منها ساهمت في تكوين مالك بن نبي بشكل كبير إلا أن مرحلة الكاتب هي مايهمنا الآن، وفيها بدأ بالتأليف فنشر كتابه “الظاهرة القرآنية”، وله رواية “لبيك”، وكتاب آخر هو أهم ماكتب مالك بن نبي وهو كتاب “شروط النهضة”، والمتابع لكتاباته يجدها تدور حول مفهومين رئيسين تأثرًا بمتابعة وقراءة الأحداث من حوله، ألا وهما: مفهوم الاستعمار مقاومةً ومفهوم الحضارة إنشاءً، وبدوارنه حول هذين المفهومين حاول أن يفهم ويحلل الاستعمار ويفهم طبيعة الشعوب، والأسباب التي أخضعتها له وأثر ذلك فيها بعد خروج الاستعمار، أما مفهوم الحضارة فهو يدندن كثيرًا في كتاباته التي شغلها هذا المفهوم حول القيم والعمل والفاعلية والإنتاج، كما يرى أن الحضارة كي تنشأ وتتكون فإنها لا بد أن تنبعث من الدين، كما يقول: “الحضارة لا تنبعث إلا بالعقيدة الدينية”.
كيف عالج أو تعامل مالك بن نبي مع الماجريات السياسية من حوله إذًا؟
بجانب الكتابة ومحاولة فهم وقراءة الواقع بشكل عملي دون الانهماك فيه، ودعوته إلى الفاعلية والعمل، وطرحه للمشاريع والأفكار المختلفة، كان يرى أن تغيير الوضع السياسي لن يأتي بمجرد الدعاوى والمطالبة بالحقوق الشعبية والانهماك في ذلك حتى يصبح هو العمل، كما أن المطالبة بالحقوق وحدها وضرب السياسات على تحقيق هذه المطالب للشعوب دون النظر إلى الواجبات، واعتقاد المصلحين أن هذه المطالبة هي سبيل النهضة، سماها مالك بن نبي بالدروشة السياسية، إذ إن نيل الحقوق في النهاية هو نتيجة لأداء الواجبات والعمل المنتج، أما الانشغال بالحقوق والدعاوى والجدالات الماجرياتية التي تدار حول المقاهي هي هدر للطاقة والوقت وتطويل لطريق النهضة.
ويعتني مالك بن نبي بربط السنن الاجتماعية والسياسية وفهمها، فلكي ينال المطالب حقوقه لا بد من تعاضد مجموعة من السنن، كأن تتوافر في المجتمع الشروط المساعدة لنيل تلك الحقوق، فالأفراد ليسوا في معزل عن السلطة، كما أن السلطة ليست في معزل عن الأفراد، ولولا تأثير كل منهما في الآخر لم يكن ليقم! فيقول: “الحكومة مهما كانت ماهي إلا آلة اجتماعية تتغير تبعًا للوسط الذي تعيش فيه”.
الفكرة من كتاب المَاجَرَيَات
بلهجة الناصح، وبأسلوب المنطق، وبالنماذج الواقعية التفصيلية، ينبه الكاتب بشكل خاص طلاب العلم ويهمس في آذانهم، أن حذارِ أن تضيعوا أوقاتكم وأعماركم على أرصفة المَاجَريات، وإن أردتم عملًا جادًّا وتأثيرًا حقيقيًّا وإنجازًا يُذكر فهَاكُم نماذج مساعدة!
مؤلف كتاب المَاجَرَيَات
إبراهيم السكران: تحول من الليبرالية إلى السلفية، باحث ومفكر ومحامٍ سعودي، لم يكمل العام في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حتى غادرها إلى كلية الشريعة، لينال درجة الماجستير في السياسة الشرعية متوجهًا بعدها إلى بريطانيا، لينال أيضًا درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي. له العديد من المقالات والمؤلفات، منها:
مسلكيات.
مآلات الخطاب المدني.
سلطة الثقافة الغالبة.