قابلية المنهج الإسلامي للتطبيق بعد الثورات
قابلية المنهج الإسلامي للتطبيق بعد الثورات
أحيانًا يتخوَّف الناس وتصيبهم حالة من الهلع كلما سمعوا أن فلانًا يحمل مشروعًا ذا مرجعية إسلامية، ويسهم التضخيم الإعلامي في زيادة تلك الحالة من الخوف اللامحدود من تطبيق الشريعة، وأغلب الأسباب عوامل خارجة عن التيارات الإسلامية لا يُسألون عنها، كما أن لهم دورًا في ذلك الشعور المترسِّب عند البعض بسبب ممارساتهم الضعيفة الفرعية التي تهمل الأصول وتركِّز على ثانويات لا طائل منها غير الافتراق.
ويعني مصطلح تطبيق الشريعة عملية نقل النصوص من الكتب إلى الواقع واستنباط الأحكام التفصيلية من القواعد العامة ولتطبيق الشريعة ضوابطٌ عدَّة يجب تحقيقها ليؤتي ثماره معنويًّا وماديًّا؛ وأول ضابط هو مراعاة التدرج وتعني درجة استعداد الناس وفهمهم وزيادة قابليتهم للتطبيق، فما يَشقُّ على الناس فعله يتم تأجيله حتى يستعدوا، وثانيها هو تحقيق المناط وهو مصطلح في أصول الفقه يراد به النهاية والمآل والهدف البعيد من تنفيذك قرارًا ما، وهل سيجلب خيرًا أم شرًّا؟ وثالثها هو مفهوم الخطأ البشري الوارد بين النص والتطبيق ويعتمد على الفهم والتأويل، ورابعها هو فقه الواقع ويفيد بأن الزمان والمكان دائما التغيُّر وتلك سنة الله ويتغير معها ما لا يوجد فيه نصٌّ وما يستند عليه من أحكامٍ فرعية، فالحكم الذي كان يُصلِح ويصلُح قديمًا من الممكن أن يفسد اليوم، لذلك نسبة الواقع إلى الفقه نسبة دقيقة لأن الفقه هو موازنة الأمور وتغليب أحدها على الباقي مثل الاختيار بين خير الشرَّين، وخامسة تلك القواعد الكليات والجزئيات، والكليات هي مقاصد الشريعة العظمى مثل حياة الناس وسلامتهم وأمنهم ورعاية مصالحهم وحريتهم وعيشهم.
وجديرٌ بالذكر أن الشغف بالجزئيات دون الكليات قاتلٌ لإرادة التغيير، بل وإجهاض العملية برمَّتها. وأهم من ذلك كله تجنُّب تحويل مصطلح تطبيق الشريعة إلى شعار سياسي نفعي يفقد الناس ثقتهم بالمشروع والأشخاص لكثرة استهلاكه، وبناءً عليه إذا عمل دعاة المصطلح على ذلك وبرهنوا على حُسن نواياهم سيستجيب الناس ويدركون أن مخاوفهم من الحدود، على سبيل المثال، هي وهمٌ تمت صناعته وتم فيه إغفال الشروط الصعبة لتطبيقها وإغفال العدالة الاجتماعية التي تترتب عليها أيضًا.
الفكرة من كتاب أسئلة الثورة
تعد الثورات نتاج تراكمات زمنية طويلة من الأسباب، وردة فعل احتجاجية تعبيرًا عن الغضب من نظام استبدادي قمعي غالبًا أو نظام فاشل اقتصاديًّا أنهك الشعب ماديًّا، وعجز عن تطبيق برنامجه الإصلاحي الاقتصادي وأوجد فجوة طبقية في المجتمع يصعب تحملها..
يقدم الكاتب شرحًا وافيًا لطبيعة الثورات ومفهومها وأسبابها من منظور إسلامي، ويعرِّف الثورة انطلاقًا من مفاهيم شرعية وآراء متباينة للفقهاء تتفق تارةً وتختلف تارةً أخرى، كما يرد على أسئلة كثيرة منها التشكيك في أن الإسلام يصلح منهجًا يمكن تطبيقه بعد نجاح الثورات، وما تثيره التيارات الأخرى من تساؤلات ومخاوف من الإسلام السياسي، وفي النهاية يستعرض كيفية التعامل بعد النجاح وعدم تضييع النصر بالفرقة والخلافات.
مؤلف كتاب أسئلة الثورة
سلمان العودة: داعية إسلامي وأستاذ جامعي ومفكر سعودي، ولد عام ١٩٥٦، حصل على درجة الماچستير ثم الدكتوراه في السُّنة، كان دائم المطالبة بالإصلاح والتجديد والدفاع عن الإسلام.
له مؤلفات عديدة في الفكر والدعوة، أهمها: “من وسائل دفع الغربة”، و”معركة الإسلام والعلمانية”، و”من أخلاق الداعية”، و”تحية الشعب المقاوم”.